مقالات طبية

إضطرابات النوم وطرق معالجتها في أوتيل ديو

إضطرابات النوم وطرق معالجتها في أوتيل ديو

يمضي الإنسان حوالى ثلث حياته نائماً، ما يوازي 25 إلى 30 سنة من معدّل الحياة. انطلاقًا من هذا الواقع، أظهرت الدراسات العلمية ضرورة إيلاء الأهميّة اللازمة للنوم واختلالاته. وقد أدّى التطوّر السريع في هذا المجال إلى ظهور اختصاص طبّ النوم، منذ حوالى العشرين عاماً، حين بدأ الأطباء إدراك أهميّة النوم في حياة الإنسان، ومعرفة كيفية إجراء فحوصات النوم اللازمة، وبالإضافة إلى تأثير النوم على الأمراض سواء إن ساهم في معالجتها أو تفاقمها.

ومواكبةً لهذا التقدّم الطبّي، تأسّس مركز النوم في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس منذ أكثر من عشر سنوات وسجّل منذ حينها ما يقارب الـ4000 حالة، وهو يضمّ اليوم ثلاث غرف مهيّأة بأحدث المعدّات والتجهيزات لدراسة اضطرابات النوم ورصد التأشيرات اللازمة.  يتألّف المركز من أربعة أطباء متخصصين بأمراض النوم إضافةً إلى اختصاصاتهم الأساسيّة (الرئتان والجهاز العصبيّ)، ومن أربعة تقنيين يعملون ليلاً مع المرضى لمرافقتهم ونهاراً مع الطاقم الطبيّ لقراءة النتائج، فضلاً عن الممرضات والإداريين.

“يدرس مركز النوم في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس نوعين من المشاكل؛ أوّلاً المشاكل الخاصة بالنوم والمتعلّقة به مباشرة؛ وثانياً المشاكل الصحيّة التي تزيد من اختلال النوم كأمراض الجهاز العصبي أو أمراض القلب أو أمراض الجهاز التنفسيّ”، شرح البروفيسور موسى رياشي، أخصائي في طبّ الرئتين والإنعاش ومدير مركز النوم في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس. “إنّ أعراض اضطرابات النوم عديدة لكنّ تلك التي تدفع الأطباء إلى أخذها في عين الاعتبار، وخاصةً إلى الشكّ بمرض الاختناق الليلي المتكرّر، هي النعاس والتعب المفرطان في النهار، صعوبة في التركيز ونقص في الذاكرة، مشاكل ارتفاع الضغط دون أيّ سبب مسبق، بدانة في العنق، الشخير وتقطّع النفس في الليل.”

اليوم، يُعتبر الإختناق الليليّ المتكرّر المرض الأكثر شيوعاً من بين أمراض النوم الكثيرة، حيث أنّه يصيب 4% من الرجال و2% من النساء، ويظهر أثناء النوم من خلال تقطّع النفس. وبفضل تقدّم الدراسات خلال السنوات الأخيرة، تبيّن أنّه المرض المسبّب لمشاكل صحيّة عديدة كالنوبات القلبية والجلطات والسكري وارتفاع ضغط الدمّ. ويسمح مركز النوم بتشخيص هذا المرض وبتحديد أسبابه، ونمط التقطّع وحدّته، وتأثيراته وحجم رواسبه على الجسم عند الإستيقاظ. 

تُسجّل أمراضٍ أخرى في مركز النوم مثل قصور التنفّس الناتج عن تسكير القصبات الهوائيّة أو عن انسداد الرئتين، خاصةً عند المدخّنين الذين يعانون من انخفاض في مستويات الأوكسيجين، وأمراض انقباض القفص الصدري التي تحدّ وظيفة الرئتين، وأمراض ارتفاع ضغط ثاني أكسيد الكربون الجزئي في الجسم، والأمراض القلبية، خاصةً المتعلّقة بنبضات القلب، بالإضافة إلى مشاكل النوم بحدّ ذاته كالنوم المفرط أو قلّة النوم أو إضطراب السير النومي وغيرها.  

وأوضح البروفيسور رياشي قائلاً:”تتعدّد درجات دراسة النوم التي يقوم بها مركز النوم، لكنّها تنقسم إلى أربع درجات بشكلٍ عام”. وتابع: “تتضمّن الدرجة الأولى فحص نوم يشمل تخطيطاً للتنفّس وكافة أقسامه، تخطيطاً للقلب، تخطيطاً لوضعيّة النوم، تخطيطاً للشخير ولمستويات الأوكسيجين، وتخطيطاً كهربائيّاً للدماغ بواسطة قنوات قد تصل إلى الـ32 بعددها لتحديد درجة نوم المريض، إلى جانب العناية التي يقدّمها التقنيّ المتخصّص الذي يقوم بمراقبة المريض طوال الليل. أمّا اختبارات الدرجة الثانية فهي غالباً تُقام خارج المركز في منزل المريض وتتفاوت نتائج الاختبارين من 15 إلى 20%. أمّا الدرجة الثالثة، فهي اختبار لتسجيل النوم من دون تسجيل تخطيط الدماغ. والدرجة الرابعة تتضمّن اختباراً يفحص فقط مستويات الأوكسيجين وتفاوتها خلال الليل.”

إنّ مركز النوم في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس مجهّز بأحدث المعدّات، ما يخوّله القيام بعدّة دراسات أخرى، منها: تخطيط يقام خلال النهار على خمسة مراحل لدراسة درجات نعاس المريض بعد إمضائه ليلة في المركز لتخطيط نومه، تخطيط “BiPAP and Ventilation” وهو تخطيط لضغط مجرى التنفس الإيجابي على صعيدين ولضغط التهوية، أو تخطيط “Splitnight” الّذي ينطوي على مرحلتين، الأولى تشخيصيّة والثانية علاجيّة تقام تحت مراقبة الطاقم الطبيّ لتحديد كميّة العيارات اللازمة لمعالجة تقطّعات التنفس.

ما زالت أمراض اضطراب النوم جديدة في المجال الطبيّ رغم أنّها شائعة جدّاً وتُعتبر من المسبّبات الرئيسية للعديد من الأمراض خاصةً بأمراض ارتفاع الضغط وأمراض القلب والدورة الدموية، غير أنّ المجتمع اللبناني يفتقر إلى حملات توعية في هذا المجال. ومع زيادة الدراسات، تتبيّن أكثر فأكثر أهميّتها وتأثيرها على حياة الإنسان وعلى صحّته. وبعد معالجة حالات عديدة وبعد خبرة سنوات في هذا المجال، أصبح فريق العمل المتخصّص في مستشفى أوتيل ديو دو فرانس قادراً على رصد الأشخاص الذين يتوجّب عليهم مراجعة مركز النوم. 

وأوصى البروفيسور رياشي في الختام: “ لا يجب اعتبار أنّ التعب خلال النهار أو بعد تناول وجبة طعام أمرٌ عاديٌّ. فالتعب خلال النهار، قلّة التركيز، تراجع الذاكرة، الإستيقاظ صباحاً من دون نشاط وقوّة، أو حتّى صعوبة في الإستيقاظ صباحاً، كلّها دلائل على أنّ الشخص لم ينل حاجته من الراحة خلال نومه ولو نام أكثر من ستّ ساعات. وإن لاحظ أيّ شخص أنّ شريكه يعاني من نومٍ متقلّب أو من شخيرٍ متقطّع، فذلك أيضاً دلالة على أنّه يجب مراجعة مركز النوم.”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى