مقالات طبية

ما هو الإفطار الصحي؟

ما هو الإفطار الصحي؟ 

وكيف نَقي أنفسنا من التعب والصداع في اليوم التالي؟

ليلى‭ ‬ناصيف
مديرة‭ ‬قسم‭ ‬التغذية ليلى‭ ‬ناصيف
في‭ ‬مركز‭ ‬كليمنصو‭ ‬الطبي‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جونز‭ ‬هوبكنز

تتحدث مديرة قسم التغذية في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز ليلى ناصيف  لتؤكد أن الوجبة الصحية في شهر رمضان، كما في الأيام العادية، يجب أن تحتوي على جميع العناصر الغذائية لكي يحصل الجسم على حاجته من الفيتامينات والمعادن ومصادر الطاقة، إلا  أن الفارق الوحيد في شهر رمضان هو أن توقيت تناول الطعام يتغير ليمتد من الافطار الى السحور. تؤكد ناصيف أن نمط الطعام ونوعيته  وشرب كمية كافية من الماء هو النمط الطبيعي في الأيام العادية ولا يجب أن يتغير كثيرا في شهر رمضان من أجل الحصول على الطاقة اللازمة في اليوم التالي وتجنب المشاكل الصحية التي تواجه الصائم مثل الصداع والتلبك المعوي والإمساك وغيرها، مع التركيز على اهمية ترطيب الجسم ومنحه حاجته من المياه لما لذلك من اهمية في تفادي الكثير من المشاكل الصحية في اليوم التالي وأهمها الصداع الذي يعاني منه غالبية الصائمين.

وجبة الإفطار الصحية

ولكن، ما هي الوجبة الصحية وكيف يجب أن نتناولها عند الافطار؟ تؤكد أخصائية التغذية إن وجبة الإفطار يجب ان تحتوي على كل المجموعات الغذائية التي يحتاجها الجسم، ولكن يجب التركيز هنا على طريقة تناولها. وتلفت بالقول: “وجبة الافطار تكون عادة بعد مرور نحو 16 ساعة من الصيام ولا يمكن ان نكسر الصيام بتناول كمية كبيرة من الطعام بشكل سريع ومفاجئ لأن ذلك سيحدث صدمة في الجسم ويؤدي إلى مشاكل هضمية”.

الافطار الصحي يجب ان يتم تقسيمه إلى قسمين؛ الطريقة المثالية للإفطار الصحي تكون اولا بشرب كوب من الماء لترطيب الجسم والبدء بتعويض السوائل التي فقدها خلال ساعات النهار، ومن ثم تناول حبة تمر تمنح الجسم مصدر الطاقة السريع وتؤمن ما فقده من معادن وفيتامينات فيبدأ الجهاز الهضمي بالعمل بشكل طبيعي من دون أن يحدث أي تلبك معوي. ومن ثم تناول الحساء، مع الحدّ من تناول المشروبات الصّناعيّة لأنّ السكر المضاف إليها قد يؤدي إلى السّمنة وزيادة الوزن.  هذا هو القسم الأول من الإفطار الخفيف الذي يهدف أولا الى تعويض السوائل وتجنّب المشكلات الصّحية والهضمية التي يمكن أن تواجه الصّائم بعد مرور ساعات طويلة من الامتناع عن تناول الطعام والشراب.  وهنا، يجب أخذ قسط من الراحة وهو نحو عشر دقائق ننصح الصائم خلالها أن يؤدي صلاته.  ننتقل بعدها الى القسم الثاني من وجبة الافطار التي يجب أولا أن تحتوي على طبق من الخضار المنوعة وهو طبق “الفتوش” الذي يعتبر من أساسيات مائدة رمضان لما لها من فوائد عديدة.

الوجبة الرئيسية يجب أن تحتوي على كل المجموعات الغذائية الضروريّة للجسم. النشويات او الكربوهيدرات مثل الأرز أو المعكرونة أو البقوليات والحبوب والأفضل ان نلجأ الى النّشويات المعقّدة (بطيئة الهضم) لأنّها تحتوي على كمّيات أكبر من الألياف والمغذّيات. كما يجب أن تحتوي الوجبة على بروتينات مثل الدجاج او اللحوم او السمك مع التركيز هنا على طريقة الطهي الصحية. على الصائم أن يتجنب قدر الإمكان الاطعمة الدهنية لانها تبطئ من عمليّة هضم الطّعام وتزيد من المشكلات الهضميّة والحرقة.

ما هو الصحن الغذائي الصحي؟

تتحدث اخصائية التغذية ليلى ناصيف في هذا المجال عن الصحن الغذائي الصحي وماذا يجب أن يحتوي لكي يحصل الجسم على حاجته من العناصر الغذائية.  ينقسم الصحن الغذائي الى ثلاثة اقسام؛ الربع هو عبارة عن نشويات او كربوهيدرات بطيئة الهضم وتحتوي على ألياف تساعد على امتصاص السّكريّات والدهون في الأمعاء بشكل أفضل وبالتّالي المساهمة في ضبط سكّر الدّم وتخفيض نسبة الدّهون والكوليستيرول بالإضافة إلى دورها في المحافظة على حركة طبيعيّة للأمعاء والمساعدة في الحفاظ على وزن صحّي للجسم. الربع الثاني يجب ان يكون بروتينات اي لحوم او دجاج او سمك مع التركيز على طرق الطهي الصحية، كالشّوي والخبز مع التّقليب والتّعريض للبخار وتجنّب القلي العميق. أمّا نصف الصحن الصحي يجب ان يحتوي على الخضار لما لها من فوائد عديدة على الجسم حيث تمنحه سائر العناصر الغذائية فضلا عن الشعور بالشبع.

ماذا بعد الإفطار؟

تنتقل ناصيف بعد ذلك الى مرحلة ما بعد الإفطار، فبعد مرور ساعة او ساعتين يرتاح الجهاز الهضمي ويصبح مستعدا لتناول وجبة صغيرة وخفيفة من الطعام تمدّه ببعض الطّاقة من دون اي ضرر.

بالنسبة للسناك الصحي، تركز ناصيف على ضرورة الابتعاد قدر الإمكان عن الحلويات الرمضانية الدّسمة لما تحتويه من سعرات حرارية مرتفعة، سكريات مضافة ودهون خطيرة غير صحية.

 فبالإمكان إعداد الحلويات في المنزل بطريقة صحّية مثلا، استعمال خليط من الدّقيق الأسمر والأبيض في صناعة الحلويات كالقطايف، والاستعانة بالحشوات الصّحية مثل حشوات الفواكه الطّازجة، واستخدام الحليب خالي الدسم في صنع الكاسترد والمهلبية، إضافة العسل لاحتوائه على السكر الطبيعي أو الدبس على سبيل المثال.

من الأفكار التي قدمتها أخصائية التغذية للحصول على سناك صحي كوب من اللبن خالي الدسم يحلّى بالقليل من العسل أو المحلّي الإصطناعي ويضاف إليه القليل من المكسرات النيئة أو الشوفان او الفواكه المجففة كالزبيب. يحتوي هذا الكوب على سكريات طبيعيّة وصحية بالإضافة إلى بروتينات ومعادن ما يمنح الجسم الطاقة وهي وجبة كاملة بعناصرها الغذائية. أمّا في ما يخص المنبّهات فلا مانع من شرب كوب من القهوة بشرط عدم الإكثار منها لأنها مدرّة للبول وقد يفقد الجسم السوائل الموجودة فيه ما يضر به في اليوم التالي، ومن الأفضل لمن يحبون شرب القهوة أن تكون خالية من الكافيين. وتركز ناصيف في هذا الإطار على ضرورة الإكثار من شرب الماء على ان تكون الكمية موزعة من وقت الافطار الى حلول الامساك بشكل منتظم لما لذلك من أهمية لجهة منع حصول جفاف في الجسم بالدرجة الاولى وتجنب الصداع من جهة ثانية.

وجبة السحور

تركز ناصيف على اهمية وجبة السحور التي يجب أيضا ان تحتوي على جميع العناصر الغذائية. “وهنا أشدد اكثر على اهمية نوعية الكربوهيدرات المعقدة مثل خبز الشوفان او القمحة الكاملة أو نخالة او حنطة  لما تمنحه من طاقة وإحساس بالشّبع لوقت أطول. كما بالإمكان تناول البقوليّات كالفول والحمص كونها وبالاضافة إلى احتوائها على النشويات المعقدة فهي تحتوي على بروتينات. البروتينات أيضا مهمة في وجبة السحور مثل الالبان والأجبان قليلة الدسم بالاضافة الى البيض.   تناول الخضراوات بالإضافة إلى قطعة فاكهة صغيرة أيضا مهم  على وجبة السحور فهي تحتوي على الفيتامينات وتقلل من الشعور بالجوع والعطش أثناء الصّيام. تجنّب الأطعمة التي تزيد من الإحساس بالعطش منها الحلويات، والأطعمة المالحة كالمخلّلات والزّيتون بالإضافة إلى المشروبات المدرّة للبول مثل الشّاي والقهوة. 

تفادي الصداع والتعب في اليوم التالي

التعب والصداع وعدم القدرة على القيام بالأعمال اليومية من الأمور التي يعاني منها الصائم خلال النهار. لتفادي ذلك، تؤكد ناصيف أن الغذاء الصحي خلال ساعات الإفطار يحدد طبيعة النشاط في اليوم التالي. هذه المشاكل الصحية التي يشعر بها الصائم ناتجة عن قلة شرب الماء لأن الصداع هو من مؤشرات الجفاف، اما التعب فيحدث بسبب عدم حصول الجسم على ما يلزمه من عناصر غذائية ومعادن وفيتامينات كان قد فقدها خلال النهار.

لذلك، من الضروري تنظيم الوجبات والتركيز على كل المجموعات الغذائية والإكثار من شرب الماء لتجنب هذه المشاكل في اليوم التالي. من الأمور المهمة التي يجب التركيز عليها أيضا هي النوم لأن قلة النوم تؤدي الى الصداع ولا يوجد شيء يعوض النوم في الليل. لذلك على الصائم أن يحرص قدر الإمكان على الحصول على قدر كاف من النوم خلال الليل لأن النوم نهارا لا يعوض حاجة الجسم.

ماذا عن غذاء المرضى في الشهر الفضيل؟

هناك فئة كبيرة من مرضى السكري وضغط الدم والقلب وغيرها من الامراض المزمنة الذين يجيز لهم الطبيب بالصيام مع تغيير مواعيد الدواء واتباع نظام غذائي صحي. تقول ناصيف في هذا الاطار ان هذه الحالات تحتاج الى مراقبة عن كثب حيث يتم وضع نظام غذائي محدد يتناسب مع طريقة تناول الدواء ويتم ذلك بالتنسيق مع الطبيب المعالج والمريض ايضا لكي يكون لديه المعلومات والثقافة اللازمة لادارة حالته. فمثلا مريض السكري عندما يحقن نفسه بالانسولين او يتناول الدواء الفموي فهو يمنح الجسم نسبة معينة من الأنسولين وبالتالي تحدّد محتويات الوجبة على أساس هذه النسبة. كذلك الأمر بالنسبة لباقي المرضى مع ضرورة المتابعة الدورية مع الطبيب المختص والتركيز على نمط الغذاء الصحي لتفادي المشاكل الصحية والانتكاسات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى