أمراض وعلاجاتكورونا

كوفيد- 19 قد يصيب الجهاز العصبي ويتسبب بالسكتة الدماغية

كوفيد- 19 قد يصيب الجهاز العصبي ويتسبب بالسكتة الدماغية

عندما بدأ فيروس كورونا بالإنتشار وحصْدِ الضحايا، شاع الحديث عن أن أعراضه تقتصر، في شكل أساسي، على السعال وضيق التنفس وارتفاع الحرارة. لكن لم يطل الوقت قبل ضهور أعراض جديدة، منها احتمال فقدان الشهية لدى المصاب وتعطّل حاستي الذوق والشم. ومع تقدّم الأبحاث بشأن COVID-19 وتوسع انتشاره وارتفاع عدد الأصابات، تبيّن أن الأعراض لا تقتصر فقط على المعلن عنها، بل تطال نواحي أخرى أكثر خطورة وأصعب علاجا، منها ما كشف عنه الخبراء مؤخرا لناحية تأثير الفيروس على الجهاز العصبي للمصاب، وصولا إلى التسبب بالسكتة الدماغية. وهذه تعتبر أبرز أعراضه وأخطرها. فماذا يقول الطب في ذلك؟ وما هو الجديد على هذا الصعيد؟

يمكن أن يسبب فيروس كورونا، في حالات الإصابة الشديدة، الالتهاب الرئوي، ومتلازمة الالتهاب الرئوي الحاد، وقصور وظائف عدد من أعضاء الجسم وصولاً حتى الوفاة. ويعد كبار السن، والأشخاص الذين يعانون أمراضا مزمنة مثل الربو والسكري وأمراض القلب، هم الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس، والعجز عن مواجهة أعراضه، حتى الخفيفة منها.

أعراض جديدة… وخطيرة

يقوم الأطباء حول العالم وبجهود كبيرة ومستمرة، لجمع البيانات الجديدة التي تتعلق بالمرضى المصابين بفيروس كورونا المستجد، الذي أصبح وباءًا عالميًا. ويعمل الأطباء في عدد من الدول، من الصين إلى أوروبا وأميركا، برصد أعراض جديدة تظهر على المرضى المصابين بالفيروس، استهدفت في أغلبها الجهاز العصبي والدماغ. وهذه الناحية تشكل محور البحث والجهد الذي يبذله الأطباء ومراكز الأبحاث التي تبدو في سباق شديد المنافسة مع المرض. وفي أحدث ما تسرّب عن هذه الأبحاث أن الأطباء سجلوا أعراضا جديدة ظهرت على بعض المرضى، في حالات خاصة، كالاضطرابات العصبية والنوبات والسكتات الدماغية.

وتشير المعلومات إلى أن الأطباء يعتقدون أن هناك مجموعات من المرضى باتوا يعانون من اعتلالات في الدماغ والجهاز العصبي. وقد رصدوا عدة أمثلة لهذه الحالة، منها لرجل مسن ظهرت عليه أعراض شديدة وفقد القدرة على الكلام، مع أعراض مرض باركنسون وصعوبة بتحريك الأطراف لتؤكد الفحوص اللاحقة إصابته بفيروس كورونا. وحالة أخرى لامرأة عانت من صداع حاد، وبالكاد استطاعت نطق اسمها وكلمات قليلة أخرى، وفقدت القدرة على الاستجابة للمؤثرات الخارجية، ليلاحظ الأطباء وجود تورّم غير طبيعي والتهابات في الدماغ وموت الخلايا الدماغية في بعض المناطق منه. وأكدت الفحوص أن المرأة المصابة تعاني التهاب الدماغ الحاد، الناجم عن إصابة الجسم بفيروس. وتوصل الأطباء إلى أن المريضة تعاني التهاب الدماغ الناخر الحاد، وهو التهاب ينجم عن إصابة الجسم بفيروس، ويعتبر واحدا من المضاعفات النادرة للإنفلونزا والالتهابات الفيروسية الأخرى. وبحسب الاختصاصيين في طب الأعصاب المعالجين في الولايات المتحدة، فإن جميع هذه المؤشرات تؤكد أن فيروس كورونا يمكن أن يدخل الدماغ مباشرة لدى بعض المصابين، ولو في حالات نادرة.

وبحسب هؤلاء الإختصاصيين أنفسهم، فإن الأعراض تتفق مع التقارير الواردة من الأطباء في إيطاليا ودول أخرى تعاني من الفيروس. ويقول الطبيب الإيطالي إليساندور بادوفاني إن “المرضى يعانون من الهذيان قبل الإصابة بالحمى ومضاعفات الجهاز التنفسي”. وبحسب ما أوردت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، فقد أضيفت أخيرا إلى الأعراض المعروفة لفيروس كورونا مجموعة جديدة من الأعراض تبيّن أنها تضرب الجهاز العصبي، ولا سيما الدماغ. وقالت الصحيفة إن هذه الأعراض ظهرت على مجموعة صغيرة من مرضى الفيروس. وأضافت أن “أطباء الأعصاب حول العالم يعتقدون بأن هناك مجموعة فرعية صغيرة من مرضى COVID-19 باتوا يعانون اعتلالات في الدماغ”. 

تطبيق طبّي للمتابعة

وفي إطار السعي لمتابعة الأعراض وأسبابها وتحليلها، قال أطباء وباحثون إن فقدان حاستي الشم والتذوق يمكن أن يكون أفضل طريقة لمعرفة أعراض Covid-19 لدى أي شخص. 

وتتبّع فريق البحث في King’s College في لندن أعراض المرض عبر تطبيقهم Covid Symptom Tracker الذي تم إنشاؤه خصيصا لهذا الهدف. وبحلول 31 آذار/مارس الماضي، كان التطبيق قد استقطب أكثر من 1.8 مليون مستخدم، قاموا بتسجيل أعراضهم، أو عدم ظهورها، يوميًا. وأظهر تحليل البيانات أن زهاء 59 بالمئة من 1.5 مليون شخص قاموا بالتسجيل بحلول 29 آذار، وكانت نتائج اختباراتهم إيجابية، أفادوا بأنهم عانوا من فقدان الشم والتذوق، مقارنة بـ 18 بالمئة من أولئك الذين جاءت نتائجهم سلبية. وقال فريق البحث إن تقارير تلك الأعراض كانت أقوى بكثير في توقُّع تشخيصٍ إيجابي لـCovid-19، مقارنة بالحمى المبلّغ عنها ذاتيا. وقال الباحثون إن هذا التطبيق يمكن أن يبطئ التفشي، ويحدد بسرعة أكبر الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالمرض. وكشفوا إنه إذا شارك عدد كاف من الناس الأعراض، يمكن للتطبيق كذلك أن يقدّم للنظام الصحي معلومات قيمة للغاية. 

ومؤخراً، ابتكر الفريق المسؤول عن التطبيق نموذجًا يضم مجموعة من الأعراض، بما في ذلك فقدان الشم والتذوق، والحمى والسعال المستمر والتعب والإسهال، وآلام البطن وفقدان الشهية. وقال إن أقوى مؤشر هو فقدان الشم والتذوق، فيما يتم استكمال البحث عن أعراض أخرى مثل التلف الدماغي والتأثير على الجهاز العصبي للمصاب. وتشمل الأعراض المقبولة بشكل شائع لأمراض الجهاز التنفسي: الحمى، التي تقول NHS England إنها تصل عادة إلى 38 درجة مئوية أو أعلى، والإرهاق والسعال الجاف.

وقالت منظمة الصحة العالمية (WHO) إن الأعراض الأخرى يمكن أن تشمل ضيق التنفس والأوجاع والآلام والتهاب الحلق. وأضافت، أن هناك تقارير “قليلة للغاية” عن أشخاص في المراحل الأولى من المرض، ربما يفقدون حاستي الشم أو التذوق. 

وبعدما دخل وباء كورونا الفتاّك شهره الرابع حول العالم، أظهرت دراسة لبيانات مجمعة من تطبيق رصد أعراضه، أن فقد القدرة على الشم والتذوق من أفضل طرق تحديد ما إذا كان شخص ما مصابًا بالفيروس، أم لا.

وقال أندرو تشان، الأستاذ بكلية الطب بجامعة هارفارد في الولايات المتحدة، الذي شارك في الدراسة، “هذا البحث المستند إلى بيانات التطبيق يعد سبيلا لمعرفة بؤر تركُّز كوفيد- 19، والأعراض الجديدة التي يتعين البحث عنها، ويمكن أن يُستخدم كأداة تخطيط لاستهداف الحجر الصحي وإرسال أجهزة التنفس الإصطناعية، وتقديم بيانات آنية للتخطيط لحالات التفشي في المستقبل”.

وباستخدام كل البيانات المجمعة، طوّر فريق الباحثين نموذجا علميا لتحديد أي مجموعة من الأعراض التي تتراوح بين فقدان القدرة على الشم والتذوق، إلى لحمى والسعال المستمر والإسهال وألم البطن وفقدان الشهية، معتبراّ أنه الأكثر دقة في توقع الإصابة بفيروس كورونا. وقال تيم سبكتور الأستاذ بجامعة كينغز الذي يشارك في الدراسة “بالإضافة إلى أعراض أخرى، يبدو أن الذين يعانون من فقدان حاستي الشم والتذوق أكثر احتمالا بثلاث مرات من غيرهم، لأن تأتي نتائج تحاليلهم إيجابية لكوفيد- 19”.

لكن في المحصّلة، وبعد المتابعة والتقصي لدى مختصين، علمت مجلة “المستشفى العربي” أن علاقة فيروس كورونا بالأعراض الجديدة المعلن عنها، ومنها السكتة الدماغية وفقدان حاستي الشم والذوق، قد تكون ممكنة، لكنها تحتاج إلى مزيد من البحث العلمي والتجارب السريرية لتأكيد العلاقة السببية بين الفيروس والأعراض. ويقول أحد الأطباء المتابعين “إن هذا الأمر نحتاج إلى المزيد من البحث عنه، لمعرفة ما إذا كان إحدى علامات COVID-19 أم لا”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى