تكنولوجيا

الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي

الذكاء الاصطناعي في القطاع الصحي

لم يعد خياراً بل ضرورة

مع تطور التكنولوجيا واستخدامات الكمبيوتر في القطاع الصحي، شهد الطب تحولا جذريا تبلور مع استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي “Artificial Intelligence- AI” في مساعدة الأطباء في التشخيص ما دفع بمجال الرعاية الصحية والطب نحو الأمام، من دون ان تحل هذه التقنيات المتطورة محل الطبيب بل هي داعم له.

هذا الدعم الذي وفرته تقنيات الذكاء الاصطناعي “ AI” للطبيب كان له دورا محوريا في دعم تشخيص الأمراض فأصبحت أكثر دقة ما أسهم بالتالي في تقليل الضغط النفسي على الطبيب وكذلك المجهود البدني الذي يقوم به للوصول الى مبتغاه، ما انعكس ايجابا على تقوية عملية التواصل والتفاعل بينه وبين المريض ورفع من معنويات المرضى بشكل عام. من مميزات تقنيات الذكاء الاصطناعي “ AI” الطبية أيضا القدرة على جمع عدد كبير من البيانات والمعلومات والتاريخ الصحي للمرضى وحفظها بشكل أكثر سهولة، ما يجعل عملية التشخيص المقبلة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي “ AI” الطبية للمريض أكثر دقة بسبب تكوين صورة شاملة سابقة عن التاريخ الصحي للمريض. مما لا شك فيه ان الذكاء الاصطناعي والروبوتات يشكلان معا مستقبل قطاع الرعاية الصحية، وقد أدركت مستشفيات منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج  هذا الواقع الجديد منذ بدايته وعملت على إدخال التقنيات الحديثة والمتطورة، حيث يزخر عالمنا العربي اليوم بتقنيات وروبوتات تحث المريض على عدم السفر إلى بلدان الخارج للحصول على الخدمة الطبية التي يريد نظرا لامكانية توافرها في بلده. الذكاء الاصطناعي أسهم في إحداث تغيير جذري عبر تطبيقاته في مجالات الطب كافة، منها على سبيل المثال، دعم عمليات اتخاذ القرار، وتحليل الصور التشخيصية، وفرز المرضى؛ بناء على مدى الحاجة إلى تلقي الرعاية الطبية.

كما يساعد الأطباء على اتخاذ قرارات أكثر وضوحا أثناء تقديمهم الرعاية الطبية للمرضى، ما يسهم في تسهيل إجراءات فحص المرضى ورفع مستوى دقتها وتقليل إصابة الأطباء بالإجهاد والتعب.

فعلى سبيل المثال، تحظى سبل التشخيص الدقيقة وتقنيات تعلّم الآلات بالقدرة على تحديد نقاط وجود المشاكل الصحية على الصور التشخيصية، والمساعدة في إجراءات فحص المرضى والاستفادة من المعلومات القيّمة التي تضمّها الكميات الهائلة من البيانات المتاحة في نظام السجلات الطبية الإلكترونية لدى الطبيب. 

فالذكاء الاصطناعي يعمل على تحليل البيانات المتاحة في نظم السجلات الطبية الإلكترونية، وهذا بدوره يساعد الطبيب في اتخاذ القرارات المناسبة وتحليل الصور التشخيصية للمرضى.  تسعى مؤسسات الرعاية الصحية الى تسخير تقنيات الذكاء الاصطناعي لخدمة المرضى، واستخدام بياناتهم وتحليلها، والتركيز على البيانات والتفاعل معها حتى بعد خروج المريض من المستشفى، ولا تنحصر الخدمات على العلاج؛ بل على الرعاية الصحية المتكاملة وتحقيق الرفاهية للمريض. أن المقومات التي يحظى بها الذكاء الاصطناعي في مجال الطب أبعد مما قد يتصوره البعض، فمن الممكن التنبؤ بالأمراض عبر تطبيق يقوم بتحليل البيانات والتنبؤ بالعدوى وبالأمراض، ما يساعد الأطباء على اتخاذ قرارات صائبة وسريعة في الوقت ذاته؛ كما أنه يقدم خدمة لهم وذلك من خلال فحص آلاف المرضى في وقت بسيط، فيستغني الأطباء عن الوقت الطويل لتحليل تلك الفحوصات من دون أن يلغي وجود الطبيب حيث إنه سيدخل في المستقبل ضمن المسارات الطبية للأطباء، وهو أداة مساعدة للطبيب، ولا يلغي دوره. عندما يتم استخدام الذكاء الاصطناعي بطريقة صحيحة يمكن الكشف المبكر عن الأمراض، وبالتالي تقليل النفقات على الحكومات حيث ان هذا المجال يحمل فرصاً كبيرة لنمو قطاع ​الرعاية الصحية.

الروبوت في غرفة العمليات

يساعد الروبوت الطبيب الجراح في إجراء العمليات الجراحية الدقيقة والمعقدة، حيث يقوم الجراح بالتحكم بأذرع الروبوت عن بُعد والتي يمكنها الوصول إلى أماكن دقيقة تعجز يد الإنسان عن الوصول اليها. الكاميرا توفر للجراح رؤية فائقة الدقة للمكان الذي تُجرى فيه العملية الجراحية.  من مميزات استخدام الروبوت في العمليات الجراحية الدقة والمرونة وتقليل المضاعفات الناتجة عن العمليات الجراحية مثل الالتهابات والعدوى والنزيف، إضافة إلى أن الندبات ستكون أقل وضوحا. 

فبإمكان الروبوت اليوم تقديم المساعدة للجرحى في الكثير من التدخّلات الجراحية التنظيرية، فمثلًا في عمليات استئصال ورمٍ أصاب أحد أعضاء الجسم لا يُمكن للطبيب أن يكون متأكدًا 100% من الموقع الدقيق الذي يوجد فيه الورم، أو من البُعد الحقيقي للشرايين المجاورة للورم، أو من إمكانية إصابة المشرط الجراحي لأحد الأعضاء المجاورة. كما يُمكن للروبوت والكمبيوتر تقديم خدمة عظيمة للجراح، فبعد التصوير المقطعي المحوسب يُمكن تحديد مكان الورم بدقّة، وقياس بُعد الأعضاء المجاورة عنه، كما يمكن تشكيل صورة ثلاثية الأبعاد تساعد الطبيب أثناء العمل الجراحي. يعمل الجراح على توجيه الروبوت من خلال وحدة التحكم من امام شاشة الكمبيوتر في المكان المخصص له ليعمل على تحريك أذرع الروبوت، والأصح القول هنا أن الحركات التي يريد الجراح ان يقوم بها يرجمها الروبوت وينفذها على جسم المريض. الجراحة بمساعدة الروبوت أسهمت الى حد كبير في محدودية التدخل الجراحي، وتفوقت بمميزاتها على الجراحة المفتوحة التقليدية، بما في ذلك دقة أكبر، وجرح أصغر، وألم أقل، وانخفاض في فقر الدم.  فمن خلال فتحة صغيرة لا تتعدى بضعة سنتيمترات في بطن المريض، يقوم الطبيب بإدخال ذراع الروبوت صغيرة الحجم ومزودة بكاميرا موصولة عبر شاشة كمبيوتر تجوب في أحشاء المريض وفق ما يراه الطبيب مناسبا من خلال مشاهداته من أمام شاشة الكمبيوتر بحجم اكبر عشرات المرات. 

تم تصميم الروبوت للجراحة من أجل تحسين جراحة المنظار التقليدية  لمساعدة الجراح الذي يقوم باستخدام أدوات محمولة اليد طويلة المحور من غير رسغ أو ذراع. في جراحة المنظار، يستخدم الجراح شاشة تعرض فيديو ثلاثي الأبعاد لعرض صورة للعملية الجراحية ويعتمد كذلك على الجانب الخاص للمريض ووضعيته أمام الكاميرا. 

وفي المقابل يسمح النظام للجراح بإجراء العملية حيث تكون وضعيته على لوحة المراقبة وأعينه ويديه في وضع مستقيم مع الأدوات ويستخدم أدوات التحكم في لوحة المراقبة للتحكم في الأدوات والكاميرا لدى جهة المريض. بالإستناد الى الصور التي يراها الجراح، والمرسلة الى شاشة خارجية كبيرة، وإثر اكتشاف مكان الورم، ينشط الجراح مجرفة بالغة الصغر، يخرجها من الروبوت ثم يعيد المجرفة إلى مكانها، ويخرج الروبوت من جسم المريض.

الرعاية الصحية الافتراضية

الرعاية الصحية الافتراضية او كما يعرف عنها بالرعاية الصحية عن بعد (TeleMedicine) تتيح الفرصة للتواصل بشكل أسرع بين المرضى والأطباء عن بُعد عبر استخدام تقنيات مثل التواصل عبر الفيديو، أو الرسائل، أو التطبيقات. العديد من المرضى اليوم يستخدمون أجهزة المراقبة الصحية، أو أجهزة تتبع اللياقة البدنية، التي يمكن ارتداؤها لمراقبة أي تغييرات في صحتهم، ومشاركة تلك البيانات مع أطبائهم. توفر هذه التقنية الراحة التامة للمريض وسرعة التواصل مع طبيبهم من خلال بقائهم في المنزل مع إمكانية إجراء الفحوصات، ومتابعة حالتهم الصحية بسهولة، بالإضافة لتقليل الحاجة إلى السفر، حيث تسمح للمرضى بالتشاور مع المتخصصين خارج المدينة، من دون الحاجة إلى السفر.  يوجد اليوم الكثير من تطبيقات الهواتف المحمولة أو القائمة على الشبكة الإلكترونية الخاصة بتحميل المعلومات، مثل قراءة نسبة جلوكوز الدم او الأجهزة التي تجري قياس ونقل لاسلكي للمعلومات، وقياس ضغط الدم أو الجلوكوز في الدم أو وظيفة الرئة.

كما يوجد أجهزة قابلة الارتداء تُسجل المعلومات وتنقلها تلقائيًا مثل معدل ضربات القلب أو الجلوكوز في الدم، أو المشي، أو ضبط وضعية الجسم، أو الارتجافات، والنشاط البدني، أو أنماط النوم. أجهزة المراقبة المنزلية للأشخاص من كبار السن أو المصابين بالخرف تدخل أيضا ضمن الرعاية الصحية عن بُعد والتي تكتشف التغييرات في الأنشطة العادية التي يقوم بها المريض. في الإطار ذاته، بإمكان الأطباء الاستفادة في الرعاية الصحية عن بعد من خلال التواصل فيما بينهم للحصول على استشارة افتراضية أو معلومات من طبيب آخر متخصص عندما تستدعي الحاجة. 

فيقوم طبيب الرعاية الأولية بإرسال ملاحظات الفحص أو التاريخ المرضي أو نتائج الاختبارات أو الأشعة السينية أو اختبارات التصوير الأخرى، إلى الاختصاصي لمراجعتها. قد يرد الاختصاصي إلكترونيا، أو يحدد موعدا افتراضيًا في عيادة الطبيب، أو يطلب مقابلة المريض. بفضل هذه الاستشارات الافتراضية، يمكن الاستغناء عن الإحالات الشخصية غير الضرورية إلى الاختصاصي، فضلًا عن تقليل فترات الانتظار للحصول على رد الاختصاصي.

الحوسبة السحابية في القطاع الصحي

مؤسسات الرعاية الصحية التي تستخدم الحوسبة السحابية من أجل تحسين أدائها هي الأكثر نجاحاً لا سيما في ظل تحول القطاع إلى الرعاية الصحية المبنية على القيمة. وفي تعريف للحوسبة السحابية Cloud Computing فهي طريقة لتقديم خدمات تكنولوجيا المعلومات (IT) التي يتم فيها استرداد الموارد من الإنترنت من خلال الأدوات والتطبيقات المستندة إلى الويب. بدلاً من الاتصال المباشر بالخادم.

وبدلاً من الاحتفاظ بالملفات على محرك أقراص ثابت أو جهاز تخزين محلي، يجعل التخزين المستند إلى السحابة من الممكن حفظ الملفات في قاعدة بيانات بعيدة وطالما أن جهاز الكمبيوتر لديه حق الوصول إلى الويب فإنه يتمتع بالوصول إلى البيانات والبرامج لتشغيلها. تأتي الحوسبة السحابية كتقنية هامة لتوفر القدرة على التخزين ومرونة العمليات والقدرات التحليلية اللازمة لتطبيق وتشغيل أنظمة الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة ودفع الابتكار.  وتقوم منصة AWS السحابية بتسهيل استيعاب البيانات ومعالجتها، سواءً كانت منسقة أو غير منسقة أو متدفقة باستمرار، بالإضافة إلى القدرة على تبسيط عملية بناء وتدريب ونشر النماذج القائمة على تقنية تعلم الآلة. كما ان هذه التقنية سوف تسمح للمراكز الطبية بالحفاظ علـى بيانات المرضى مع السماح للعيادات الصحية في مختلف أنحاء العالم بتبادل المعلومات بشأن التحليلات الطبية الوراثية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى