مقابلات

الدكتور‭ ‬ناجي‭ ‬عون

الإختصاصي‭ ‬في‭ ‬الأمراض‭ ‬الجرثومية‭ ‬والمعدية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬كليمنصو‭ ‬الطبي‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جونز‭ ‬هوبكنز‭ ‬انترناشيونال

الدكتور‭ ‬ناجي‭ ‬عون

“الإجراءات‭ ‬المتّبعة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬العربية‭ ‬أثمرت‭ ‬نتائج‭ ‬جيدة ونحن‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ترقب‭ ‬للموجة‭ ‬الثانية‭ ‬من‭ ‬الوباء”

تسير‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬على‭ ‬قدم‭ ‬وساق‭ ‬للتوصل‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬يكافح‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬covid-19‭ ‬ويضع‭ ‬حدا‭ ‬للمضاعفات‭ ‬الخطيرة‭ ‬التي‭ ‬تصيب‭ ‬المرضى،‭ ‬وفي‭ ‬كل‭ ‬يوم‭ ‬نسمع‭ ‬عن‭ ‬تجارب‭ ‬جديدة‭ ‬لأدوية‭  ‬وعلاجات‭ ‬منها‭ ‬ما‭ ‬أعطى‭ ‬ثماره‭ ‬على‭ ‬المرضى‭ ‬ومنها‭ ‬لا‭ ‬يزال‭ ‬قيد‭ ‬التجربة،‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬تخوّف‭ ‬في‭ ‬قدوم‭ ‬موجة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬الفيروس‭. ‬مجلة‭ ‬“المستشفى‭ ‬العربي”‭ ‬إلتقت‭ ‬الدكتور‭ ‬ناجي‭ ‬عون،‭ ‬الإختصاصي‭ ‬في‭ ‬الأمراض‭ ‬الجرثومية‭ ‬والمعدية‭ ‬في‭ ‬مركز‭ ‬كليمنصو‭ ‬الطبي‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬جونز‭  ‬هوبكنز‭ ‬انترناشيونال‭ ‬وعادت‭ ‬بالحوار‭ ‬التالي‭.‬

ما‭ ‬هي‭ ‬نتائج‭ ‬الجهود‭ ‬الدولية‭ ‬من‭ ‬قبل‭ ‬الأطباء‭ ‬المتخصصين‭ ‬وشركات‭ ‬الأدوية‭ ‬وغيرهم‭ ‬من‭ ‬اجل‭ ‬التوصل‭ ‬إلى‭ ‬علاج‭ ‬لفيروس‭ ‬كورونا؟

حتى‭ ‬الآن‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬أي‭ ‬نتائج‭ ‬جازمة‭ ‬لمعرفة‭ ‬العلاج‭ ‬أو‭ ‬الدواء‭ ‬الأنسب‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬أي‭ ‬مرحلة‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يُعطى‭ ‬لعلاج‭ ‬مرضى‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬Covid-19‭. ‬إن‭ ‬ما‭ ‬نعرفه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬المستخدمة‭ ‬لعلاج‭ ‬مرض‭ ‬نقص‭ ‬المناعة‭ ‬المكتسبة‭ ‬HIV‭ ‬وهي‭ ‬Kaletra‭ ‬لم‭ ‬تعد‭ ‬تنفع‭ ‬في‭ ‬علاج‭ ‬مرضى‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬التوجه‭ ‬اليوم‭ ‬لعدم‭ ‬إستعمال‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬الأخرى‭ ‬التي‭ ‬تسهم‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬معدل‭ ‬المناعة‭ ‬لمقاومة‭ ‬الفيروسات‭. ‬

أما‭ ‬العلاجات‭ ‬المتبقية‭ ‬مثل‭ ‬Hydroxychloroquine‭ ‬وRemdesivir‭ ‬وAvigan‭ ‬فكلها‭ ‬أدوية‭ ‬لا‭ ‬تزال‭ ‬قيد‭ ‬البحث‭ ‬الطبي‭.‬

هناك‭ ‬بعض‭ ‬الأدوية‭ ‬التي‭ ‬تُستعمل‭ ‬للتخفيف‭ ‬من‭ ‬المضاعفات‭ ‬الناتجة‭ ‬عن‭ ‬الإصابة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وهي‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬الحد‭ ‬من‭ ‬ردة‭ ‬الفعل‭ ‬التي‭ ‬تحدث‭ ‬في‭ ‬الجسم‭ ‬جرّاء‭ ‬دخول‭ ‬الفيروس‭ ‬والتي‭ ‬نسمها‭ ‬Cytokine storm‭ ‬حيث‭ ‬يفرز‭ ‬الجسم‭ ‬بروتينات‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬مهاجمة‭ ‬الخلايا‭ ‬فتؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تضررها؛‭ ‬وما‭ ‬نراه‭ ‬هو‭ ‬أن‭ ‬الإصابة‭ ‬بهذه‭ ‬المضاعفات‭ ‬ليست‭ ‬محصورة‭ ‬فقط‭ ‬بكبار‭ ‬السن‭ ‬ومن‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬أمراض‭ ‬مزمنة،‭ ‬بل‭ ‬نرى‭ ‬أشخاص‭ ‬أصحاء‭ ‬وبعمر‭ ‬أصغر‭ ‬يعانون‭ ‬منها‭ ‬وتصيب‭ ‬سائر‭ ‬أعضاء‭ ‬الجسم‭ ‬مثل‭ ‬الرأس‭ ‬والقلب‭ ‬والرئة‭ ‬والكلى‭ ‬والكبد‭ ‬وهي‭ ‬ما‭ ‬تسبب‭ ‬بالوفاة‭.‬

أنواع‭ ‬أخرى‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬نستخدمها‭ ‬للحد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬المضاعفات،‭ ‬وهي‭ ‬لا‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬الفيروس‭ ‬من‭ ‬تلقاء‭ ‬نفسها‭ ‬بل‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬جهاز‭ ‬المناعة،‭ ‬وكانت‭ ‬تستخدم‭ ‬لأمراض‭ ‬المناعة‭ ‬او‭ ‬التهابات‭ ‬المفاصل‭ ‬لتخفف‭ ‬من‭ ‬حدتها‭ ‬واليوم‭ ‬بتنا‭ ‬نستخدمها‭ ‬لتخفيف‭ ‬ردة‭ ‬فعل‭ ‬الجسم‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس‭ ‬المستجد‭.‬

هل‭ ‬من‭ ‬سبب‭ ‬طبي‭ ‬يفسر‭ ‬هذا الإنتشار‭ ‬السريع‭ ‬والقاتل‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أميركا‭ ‬وأوروبا،‭ ‬بينما‭ ‬الانتشار‭ ‬أخف‭ ‬وطأة‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي؟

إن‭ ‬ما‭ ‬نراه‭ ‬ونسمعه‭ ‬اليوم‭ ‬يدل‭ ‬على‭ ‬وجود‭ ‬تفاوت‭ ‬في‭ ‬نسب‭ ‬الإصابة‭ ‬بفيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬من‭ ‬حيث‭ ‬المناطق،‭ ‬بمعنى‭ ‬أن‭ ‬المناطق‭ ‬المكتظة‭ ‬بالسكان‭ ‬والتي‭ ‬استمرت‭ ‬فيها‭ ‬وسائل‭ ‬التنقل‭ ‬العامة‭ ‬ولم‭ ‬يستخدموا‭ ‬وسائل‭ ‬الوقاية‭ ‬منذ‭ ‬بداية‭ ‬إنتشار‭ ‬الفيروس‭ ‬كتلك‭ ‬التي‭ ‬استُخدمت‭ ‬في‭ ‬هونغ‭ ‬كونغ‭ ‬وكوريا‭ ‬الجنوبية‭ ‬أي‭ ‬الكمامات،‭ ‬لاحظنا‭ ‬فيها‭ ‬إرتفاع‭ ‬نسبة‭ ‬الإصابة‭ ‬وكان‭ ‬كبار‭ ‬السن‭ ‬ومن‭ ‬يعاني‭ ‬من‭ ‬الأمراض‭ ‬المزمنة‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الفئات‭ ‬التي‭ ‬أصيبت‭ ‬في‭ ‬وقت‭ ‬لم‭ ‬يثبت‭ ‬أي‭ ‬علاج‭ ‬فعالية‭ ‬مائة‭ ‬في‭ ‬المائة‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬الفيروس‭. ‬

الأمر‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬توافد‭ ‬عدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬المرضى‭ ‬إلى‭ ‬المستشفى‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬ما‭ ‬يقلّل‭ ‬من‭ ‬قدرة‭ ‬المستشفيات‭ ‬على‭ ‬استيعاب‭ ‬المرضى‭ ‬وعلاجهم‭ ‬خصوصا‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الأوقات‭ ‬التي‭ ‬تسعى‭ ‬فيها‭ ‬المستشفيات‭ ‬كافة‭ ‬إلى‭ ‬رفع‭ ‬مستوى‭ ‬الجهوزية‭.‬

ما‭ ‬هو‭ ‬تقييمكم‭ ‬للإجراءات‭ ‬المتبعة‭ ‬اليوم‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬لبنان‭ ‬او‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭ ‬المجاورة؟

كل‭ ‬هذه‭ ‬الإجراءات‭ ‬تمت‭ ‬بإشراف‭ ‬من‭ ‬فرق‭ ‬طبية‭ ‬متخصصة‭ ‬وبالتنسيق‭ ‬الكامل‭ ‬مع‭ ‬منظمة‭ ‬الصحة‭ ‬العالمية‭ ‬ووزارات‭ ‬الصحة‭ ‬في‭ ‬البلدان‭ ‬العربية‭. ‬

مبدئيا‭ ‬كما‭ ‬نرى‭ ‬اليوم‭ ‬فالنتائج‭ ‬مرضية‭ ‬إذ‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬لدينا‭ ‬ارتفاع‭ ‬حاد‭ ‬في‭ ‬عدد‭ ‬الحالات‭ ‬كما‭ ‬هو‭ ‬الحال‭ ‬في‭ ‬دول‭ ‬أوروبا‭ ‬وأميركا‭. ‬الإجراءات‭ ‬المتبعة‭ ‬لدينا‭ ‬في‭ ‬بلداننا‭ ‬المحيطة‭ ‬أثمرت‭ ‬نتائج‭ ‬جيدة،‭ ‬لكن‭ ‬علينا‭ ‬أن‭ ‬نستمر‭ ‬بذلك‭ ‬لنرى‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬المقبلة‭ ‬لأننا‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬ترقب‭ ‬من‭ ‬قدوم‭ ‬موجة‭ ‬ثانية‭.‬

يتحدث‭ ‬البعض‭ ‬عن‭ ‬قدوم‭ ‬موجة‭ ‬ثانية‭ ‬من‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭. ‬ما‭ ‬مدى‭ ‬دقة‭ ‬هذا‭ ‬الكلام؟‭ ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬للمجتمع‭ ‬أن‭ ‬يبني‭ ‬مناعة‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس؟

بالتأكيد‭ ‬الجميع‭ ‬متخوف‭ ‬من‭ ‬قدوم‭ ‬موجة‭ ‬ثانية‭ ‬والمؤكد‭ ‬أنها‭ ‬ستأتي‭ ‬إما‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬مرضى‭ ‬قادمين‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬موبوءة‭ ‬أو‭ ‬عن‭ ‬طريق‭ ‬عودة‭ ‬الفيروس‭ ‬من‭ ‬منطلق‭ ‬أنه‭ ‬فيروس‭ ‬موسمي‭.‬

نحن‭ ‬نعرف‭ ‬أن‭ ‬أقل‭ ‬من‭ ‬عشرة‭ ‬بالمائة‭ ‬من‭ ‬الأشخاص‭ ‬الذين‭ ‬يصابون‭ ‬بالفيروس‭ ‬تتكون‭ ‬لديهم‭ ‬مضادات‭ ‬طبيعية‭ ‬في‭ ‬الجسم؛‭ ‬هؤلاء‭ ‬لا‭ ‬يسهمون‭ ‬في‭ ‬تكوين‭ ‬ما‭ ‬يسمى‭ ‬بـ”مناعة‭ ‬القطيع”‭ ‬herd immunity‭  ‬التي‭ ‬يفترض‭ ‬أن‭ ‬تحمي‭ ‬المجتمع‭ ‬من‭ ‬موجات‭ ‬متتالية‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬لأحد‭ ‬الإجابة‭ ‬عليه‭.‬

هل‭ ‬من‭ ‬توقعات‭ ‬حول‭ ‬قرب‭ ‬انتهاء‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬كحلول‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة؟

يدور‭ ‬الحديث‭ ‬كثيرا‭ ‬عن‭ ‬اختفاء‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬المستجد‭ ‬في‭ ‬فصل‭ ‬الصيف‭ ‬وهذا‭ ‬كله‭ ‬لا‭ ‬يمكن‭ ‬تأكيده‭ ‬لسببين‭. ‬الأول‭ ‬هو‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬طبيعة‭ ‬هذا‭ ‬الفيروس‭ ‬مع‭ ‬الصيف‭ ‬والرطوبة‭ ‬وارتفاع‭ ‬درجات‭ ‬الحرارة،‭ ‬والسبب‭ ‬الثاني‭ ‬هو‭ ‬أننا‭ ‬لا‭ ‬نعرف‭ ‬كيف‭ ‬ستكون‭ ‬الأمور‭ ‬بعد‭ ‬رفع‭ ‬إجراءات‭ ‬الحظر‭ ‬وعودة‭ ‬السفر‭ ‬والتنقل‭ ‬من‭ ‬بلدان‭ ‬موبوءة‭ ‬مثل‭ ‬أوروبا‭ ‬وأميركا‭ ‬وأوستراليا‭ ‬وغيرها‭.‬

لذلك،‭ ‬لا‭ ‬شيء‭ ‬مؤكد‭ ‬حتى‭ ‬الساعة‭ ‬وما‭ ‬علينا‭ ‬سوى‭ ‬الإنتظار‭ ‬فترة‭ ‬الثلاثة‭ ‬أشهر‭ ‬لكي‭ ‬تتجلى‭ ‬الصورة‭ ‬تماما‭. ‬

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى