مقابلات

السيد سامي رزق

المدير التنفيذي للمركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق

السيد سامي رزق

وضعنا خطة تأهب متكاملة داخل المركز الطبي وبتنا اليوم مستشفى مخصص لإستقبال مرضى كورونا من الألف الى الياء

عند الوصول إلى مدخل المركز الطبي للجامعة اللبنانية الأميركية – مستشفى رزق – يتبيّن لك سريعا الإجراءات الصارمة التي يطبقها المركز ضمن الإجراءات الجديدة في مواجهة فيروس كورونا المستجد  والحد من إنتشاره؛ فالحارس عند الباب يضع الكمامة ولا يسمح بالدخول إلا لمن له حاجة ضرورية داخل المستشفى، ثم يطرح عليك بعض الأسئلة الروتينية مثل: هل تعاني من إرتفاع في درجة الحرارة أو آلام في البلعوم أو هل التقيت بشخص جاء من بلد موبوء. عند التأكد من الإجابات يجب خلع القفازات التي ترتديها وتعقيم اليدين ومن ثم الدخول، على أن يوصلك الحارس إلى المكان المقصود؛ فكانت وجهتنا مكتب المدير التنفيذي السيد سامي رزق الذي أطلعنا على السياسات الجديدة التي إنتهجها المركز الطبي بهدف إستقبال حالات فيروس كوفيد- 19 المؤكدة أو المشتبه بها، كما توقّفنا مطولا عند المبادرة الإنسانية التي أطلقها المستشفى منذ بداية إنتشار الوباء وهي “العيادة النقالة”.

البداية من “العمل بإنسانية” تلك المبادرة التي تم إطلاقها قبل إنتشار فيروس كورونا المستجد. كيف تمت ترجمتها على الأرض اليوم للحد من هذا الوباء؟

“العمل بإنسانية” أو كما تعرف Act of Compassion هي مبادرة بدأت كفكرة متبادلة في ما بين كلية الطب في الجامعة اللبنانية الأميركية الممثلة بالعميد الدكتور ميشال معوض وأطباء المستشفى بعد أن لمسنا الحاجة الكبيرة لدى الكثير من المرضى نتيجة عجزهم عن توفير الحد الأدنى من الإستشفاء؛ فكانت الفكرة آنذاك بوضع “قجة” نجمع فيها ما يتيسّر من يوميات عمل الأطباء في العيادات إلى جانب توفير عدد لا بأس من الأدوية المجانية للمرضى على أن يتم إستقبال هذا الفئة أيام السبت.

لكن، ما إن إنطلقت هذه المبادرة حتى ظهر الوباء في لبنان وإنشغل البلد بأجمعه في مكافحة هذا الفيروس؛ فانتقل الجسم الطبي بعناصره كافة إلى العمل لمواجهة هذا الفيروس في وقت كنا قد إنتهينا من العمل على إعداد العيادة النقالة التي تجول المناطق اليوم وتجري الفحوصات المجانية في شتى البلدات اللبنانية. هكذا، تمكنا من ترجمة مبدأ “العمل بإنسانية” على أرض الواقع من خلال فريق طبي مجهز ومدرب بالكامل يجول في المناطق ويأخذ عينات عشوائية لفحوصات الـPCR.

ما هي الإجراءات المتبعة ضمن حرم المركز الطبي للجامعة الأميركية – مستشفى رزق؟

أولى الخطوات التي قمنا بها هي خلق خلية أزمة Task Force تضم ما يزيد عن 26 عضوا بمن فيهم مدراء وإداريين ورؤساء أقسام طبية وقسم التمريض ومكافحة العدوى والأمراض الجرثومية وغيرهم؛ كنا نجتمع يوميا عبر الـWebex عند الساعة الخامسة لمتابعة المستجدات وجمع الآراء.

هذه الإجتماعات كانت الّلبنة الأولى للخطوات المتّبعة اليوم في المركز الطبي حيث كنا نسجل الأفكار ونناقشها لنتوصل إلى سياسات وإجراءات جديدة تم وضعها من قبل متخصصين في مكافحة العدوى والامراض الجرثومية وفي مقدمتهم الدكتور جاك مخباط والدكتورة رولا حسني سماحة، إلى أن توصلنا إلى خطة تأهب متكاملة (Preparedness Plan) وشرعنا بتنفيذها في المركز الطبي مع متابعتها يوميا لإبداء الملاحظات من خلال آلية تطبيقها مع الإشارة إلى أن السياسات الإحترازية المتبعة اليوم هي طبقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية والـCDC.

لم نتوقف عند هذا الحد، بل عمدنا إلى متابعة العمل اليومي عبر إرسال توصيات داخلية (Internal Memos) لتذكير العاملين بواجباتهم اليومية حول ضرورة تطبيق المعايير وإجراءات السلامة. كما أجرينا ورشات تدريبية عبر وسائل التواصل الإجتماعي لمقدمي الرعاية الصحية كافة وبشكل مكثف، وبعض الورش كانت تتم مباشرة في قاعة المحاضرات لدينا ولكن بقدرة إستيعابية أقل تطبيقا لقواعد التباعد الإجتماعي. 

هناك الكثير من المعايير والسياسات التي نتبعها اليوم في المركز الطبي من تباعد اجتماعي والحد من عدد الموظفين اليومي؛ كما أنشأنا فريقا مؤلفا من طبيبين وممرضة وظيفتهم فقط الإتصال بالعاملين ومقدمي الرعاية الصحية وسؤالهم عن آلية العمل وعما إذا كانوا يشعرون بعارض ما أو سؤالهم عن وجود أي عقبات تواجههم.

كل من يعمل في المركز الطبي اليوم يطبق هذه المعايير من الطبيب إلى الممرض أو الحارس وعامل النظافة وغيرهم. 

من أهم ما توصلنا إليه في بداية هذه الأزمة هو إستحالة أن نستمر بالعمل في المستشفى بشكل طبيعي مع إستقبال حالات مشتبه بإصابتها أو مصابة بالفيروس نظرا لخطورة هذا الأمر وخوفا من حدوث إحتمال للتلوث نتيجة خطأ ما ولو سهوا. 

فقررنا إقفال معظم الأقسام غير الطارئة وتأجيل العمليات غير المستعجلة وهي نسميها الحالات الباردة، كما أقفلنا العيادات الخارجية وقسم جراحات اليوم الواحد وقسم المناظير والإستشارات الطبية المسبقة وغيرها. وأبقينا العمل فقط في قسم الطوارئ وغسيل الكلى والأورام وفيروس كورونا المستجد فقط. كل هذه الإجراءات خوّلتنا بأن نصبح مستشفى متخصص لإستقبال حالات فيروس كورونا المستجد من الألف الى الياء.

ما هي التجهيزات الأخرى المتعلقة مباشرة بفيروس كورونا المستجد؟

أول ما قمنا به هو إنشاء غرفتين مخصصتين لإستقبال الحالات في قسم الطوارئ ولكن ليس بداخله بل بقسم متفرع منه وفضّلنا أن تكون الغرفتان في الهواء الطلق لكي لا يدخل المريض إلى قسم الطوارئ ولا يتأثر بذلك باقي المرضى.

في قسم الطوارئ أيضا إستحدثنا قسما آخر لإجراء فحوصات الـPCR بحيث لا يدخل المريض إلى المركز الطبي أو إلى قسم المختبرات وذلك كله أيضا في الهواء الطلق.

لقد خصصنا كذلك غرفتان للعمليات للحالات المصابة بالكوفيد أو المشتبه بإصابتها؛ فمثلا إذا جاءت سيدة في حالة ولادة ومشتبه بإصابتها لا يمكن أن ندخلها إلى غرفة عمليات عادية. لدينا ثلاثة طوابق بسعة 43 سرير مجهزة بالكامل لحالات فيروس كورونا المستجد وبنظام التهوية المعتمد عالميا؛ طابق للعناية المركزة وطابقان للحالات التي تحتاج إلى عزل. لدينا ايضا حوالى 22 جهاز تنفس للحالات الحرجة.

كما أن المختبر لدينا هو واحد من المختبرات المرخصة من قبل وزارة الصحة لإجراء فحص الـPCR وذلك منذ تاريخ 16 آذار\ مارس؛ يتم الفحص في غرفة الـnegative pressure وهي غرفة مخصصة إلى جانب قسم الطوارئ أي أنها خارج المركز الطبي. الفحوصات تتم بناء على موعد مسبق بعد أن يكون المريض قد أرسل هويته بواسطة الواتس اب، وعند وصوله لا يلمس شيئا بل نقوم بسؤاله بعض الاسئلة الروتينية ونطلب منه أن يحضر القيمة المالية المطلوبة بالتحديد فناخذها منه ونضعا في كيس نايلون ثم أخذ العينة من المريض ويعود الى منزله ونحن نتصل به عند تبيان النتيجة. كما اننا اجرينا الكثير من الفحوصات للفريق الطبي العامل لدينا في المركز للاطمئنان على سلامته لانهم خط الدفاع الأول. حتى اليوم، قمنا بإجراء ما يزيد عن الخمسة آلاف فحص سواء في العيادة النقالة أو المركز الطبي، وحوالى 3 الى 4 بالمائة من هذه الفحوصات فقط كانت إيجابية.

كيف تقيّم جهوزيتكم اليوم في مؤازة وزارة الصحة لمواجهة فيروس كورونا؟

لابد في هذا الإطار من توجيه التحية للفريق الطبي العامل في مستشفى رفيق الحريري الجامعي وما يقوم به من جهود جبارة في مواجهة الفيروس فكان في خط الدفاع الأول في هذه الحرب. نحن اليوم نساند الوزارة في هذه المعركة، فقد عملنا في الشهرين الماضيين على توفير كل ما يلزم للإستعداد التام ورفع الجهوزية في حال إزدياد عدد الحالات لنكون إلى جانبهم في إستقبال المرضى وإجراء الفحوصات.

كما عملنا على توفير الـPPEs اللازمة لدخول الممرض أو الممرضة إلى غرفة مريض فيروس كورونا رغم كلفتها الباهظة علينا، ولكن واجبنا الطبي والإنساني يحتم علينا أن نعمل على أكمل وجه خصوصا أننا أصبحنا اليوم مركز طبي مجهّز لإستقبال حالات كورونا من الألف إلى الياء؛ نتمنى في هذا السياق تلقي أي مساعدة من قبل وزارة الصحة في حال حصولها على دعم خارجي على الأقل في ما يتعلق بالـPPEs ليكون ذلك بمثابة دعم لنا كمستشفيات جامعية خاصة أخذت على عاتقها هذا الواجب الإنساني. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى