مقابلات

د. لويس شبطيني

الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال

د. لويس شبطيني

“الغذاء الصحي والتخلص من بضع كيلوغرامات كفيلة في تخفيض دهون الكبد”

كثيرة هي المهام والوظائف التي يقوم بها الكبد في الجسم، فهو ينقي الدم ويخزن المعادن والفيتامينات ويسهم في تخثر الدم بالإضافة الى الكثير من الوظائف الاخرى التي تتأثر جراء تعرضه لأي أذى. الكبد الدهني هو أحد المشاكل الصحية الناتجة عن عوامل كثيرة لعل أهمها البدانة التي بدورها قد تكون سببا لارتفاع الدهون الثلاثية والكوليسترول الضار.  الدكتور لويس شبطيني، الأخصائي في أمراض الجهاز الهضمي في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال، يؤكد في هذا المجال أن خسارة بضع كيلوغرامات كافية ليصبح المريض بمنأى عن المخاطر او المضاعفات التي يمكن ان تصيبه جراء وجود الدهون في الكبد.

لنبدأ بنبذة عن وظيفة الكبد؟ وكيف يتأثر بتراكم الدهون؟

يقوم الكبد بالكثير من المهام والوظائف الحيوية في جسم الإنسان، أهمها تنقية الدم من السموم من كل ما يمكن أن يدخل الى الجسم عبر الطعام حيث أنها تمر بالكبد ليتم تكريرها. تخزين الفيتامينات ومنها الحديد مثلا، المساعدة على الهضم من خلال ما يتم إفرازه داخل الكبد، تخزين الكربوهيدرات وتصنيع البروتينات والألبومين. 

من الوظائف المهمة أيضا تصنيع عوامل تخثر الدم (Coagulation)، فالكبد مسؤول بشكل أساسي عن ذلك وهو ما يبرر حدوث نزيف لمن يعاني من مشاكل في الكبد أكثر من غيره.  أي ضرر أو التهاب يحدث بالكبد سوف يؤثر على وظائفه تلقائيا ما ينعكس على صحة المريض بشكل عام وذلك عندما تصبح الخلايا الدهنية في الكبد أكثر من اللازم فيُطلق عليه اسم “الكبد الدهني”.

ما هي الأسباب أو العوامل التي توصل الشخص للإصابة بالكبد الدهني؟

هناك عوامل عديدة يمكن ان تؤدي الى الكبد الدهني، واحدة منها هي الإفراط في شرب الكحول وعندها يطلق عليه “الكبد الدهني الكحولي”. لكن ينتشر اليوم “الكبد الدهني غير الكحولي” وهو أمر شائع نصادفه كثيرا في العيادات؛ من عوامل الإصابة اتباع نمط حياة غير صحي والبدانة نتيجة تناول الأطعمة الدسمة والغنية بالدهون. البدانة من العوامل التي تزيد من خطر الإصابة لاسيما إذا ما ترافقت مع ارتفاع في نسبة الكوليسترول والدهون الثلاثية او في حال كان المريض يعاني من داء السكري. هذه العوامل تسهم، لدى البعض، في تراكم الدهن على الكبد.

هل من عوارض لهذه الحالة؟

هنا تكمن المشكلة، ففي كثير من الأحيان يعيش الإنسان لسنوات من دون ظهور أي أعراض تُذكر رغم تراكم الدهن في الكبد. معظم الحالات تبقى طبيعية ولا تشكل ضررا على الحالة الصحية العامة، إلا أن الخطر يكمن أحيانا عندما تتطور الحالة المرضية وتصبح التهابا في الكبد وهو الالتهاب غير الناتج عن الفيروسات المعروفة والتي تسبب التهاب الكبد الفيروسي. المقصود هنا الإلتهاب الناتج عن تراكم الدهون، وهنا تكمن الخطورة لأن الحالة يمكن أن تتطور وتؤدي الى تشمع الكبد وربما الإصابة بالسرطان في الحالات المتقدمة.

هل من عوامل تسهم في تطور الحالة من كبد دهني الى التهاب؟

السؤال مهم جدا، ولكن للأسف لم يتوصل الطب الى الإجابة عليه بحيث لا يمكن تحديد من هي الفئة التي يمكن أن يتحول لديها الكبد الدهني الى التهاب. جلّ ما يمكننا القيام به هو حث المريض وتحديدا من يعاني من بدانة أو ارتفاع نسبة الدهون الثلاثية والكوليسترول وداء السكري ان يتابعوا دوريا لدى طبيب مختص لإجراء الفحوصات والصور التشخيصية اللازمة التي تساعد في الكشف المبكر والسيطرة على الحالة قدر الإمكان قبل أن تتطور الحالة. وأود الإشارة هنا الى أن ليس كل شخص يعاني من البدانة لديه دهن على الكبد، في المقابل بعض الأشخاص الذين يعانون من بعض الكيلوغرامات الزائدة قد يكون لديهم نسبة عالية من الدهون في الكبد.

ما هي الفحوصات التي يجب القيام بها لتشخيص الحالة؟

يمكن اكتشاف الأمر من خلال فحص دم يظهر ارتفاعا بسيطا في انزيمات الكبد، وهي الإشارة الأولى التي تحثنا على إجراء الفحوصات الأخرى للتأكد من وجود التهاب في الكبد أم لا. وفي هذا الإطار، نجري فحص دم للتأكد من عدم الإصابة بالتهاب فيروسي ونقوم أيضا بصورة إيكو (Sonography) تظهر الدهن في الكبد،  ويوجد ايضا صورة أكثر دقة Fibro Scan تظهر لنا حجم الدهن في الكبد او وجود تليف أو غيرها.

في الحالات المتقدمة وفي حال وجود شك لدى الطبيب يمكن القيام بخزعة لتحديد كمية الدهون وإمكانية وجود تليّف، ولكن لا نجريها الا في حالات نادرة وفي غالبية الحالات يكفي إجراء الـFibro Scan.

ماذا عن العلاجات؟

العلاجات ترتبط بالدرجة الأولى في عوامل الخطورة التي قد تكون سببا في الإصابة بالكبد الدهني، أي علاجات للسيطرة على نسبة الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية وكذلك ضبط معدل السكري؛ وبالتأكيد يجب التخلص من الوزن الزائد لان ذلك يسهم في علاج الحالة وتلقائيا سوف تنخفض نسبة الدهن في الكبد.

لا يوجد علاج مباشر لحالة الكبد الدهني، ومن هنا ينبغي التركيز على أهمية اتباع نمط حياة صحي يجنب المريض الوصول الى هذه المرحلة المتقدمة.

أثبتت الدراسات ان من يعاني من البدانة يكفي ان يخسر القليل من وزنه وربما بضعة كيلوغرامات ليكون في منأى من خطر الإصابة. وهنا، أود الإشارة بأنه علينا كأطباء ان لا نضع للمريض هدفا يصعب تحقيقه بل يجب التخفيف من وطأة المشكلة والتأكيد ان التخلص من القليل من وزنه كبداية يكفي لحمايته، وذلك لكي لا يصاب بإحباط عندما يسمع ان عليه خسارة عشرين كيلو غراما مثلا. الهدف ليس الوصول الى الوزن المثالي بقدر ما هو التخلص من الدهن في الكبد والوقاية من مضاعفاته.

الأمر ذاته ينطبق على ممارسة الرياضة والنشاط البدني بشتى أنواعه ولو لوقت قليل يوميا أو ثلاث مرات بالأسبوع؛ كلها أمور تساعد بشكل كبير في الحد من خطورة الحالة وعدم انتقالها الى مرحلة لا تُحمد عقباها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى