مقالات طبية

كتور عبدالرزاق جهاني

الدكتور عبدالرزاق جهاني رئيس مركز القلب في المستشفى الأهلي:

“نجحنا في زرع جهاز متقدم لمريض كان يعاني من فشل شديد في عضلة القلب”

على مدى السنوات العشرين الماضية كانت هناك أبحاث لتحسين علاج قصور القلب. مرت بمراحل من إختبار وإدخال بعض الأدوية المهمة التي أحدثت فرقا كبيراً في حياة مرضى قصور القلب، ولكن على الرغم من ذلك فإن هناك العديد من المرضى الذين لا يزالون يعانون من أعراض قصور القلب على الرغم من الحد الأقصى من الأدوية. وغالبا ما يحتاج هؤلاء المرضى إلى الإقامة في المستشفى بشكل متكرر من أجل  إعطائهم أدوية على شكل حقن. 

في بعض الحالات، يكون قصور القلب شديدا جدا لدرجة أنه قد يحتاج إلى التنبيب ووضعه على جهاز التنفس الإصطناعي (التنفس الإصطناعي عبر أنبوب يتم إدخاله عن طريق الفم أو الأنف إلى القصبة الهوائية). بالنسبة لمثل هؤلاء المرضى، كان هناك إكتشاف مهم للغاية للأجهزة القابلة للزرع المسماة CRTD-ICD، والتي أحدثت فرقا كبيرا في حياتهم، ونجح المستشفى الأهلي بإستعمال هذه الأجهزة الحديثة وما يمتلكه من كفاءة وخبرة لدى الأطباء من زراعة أحد هذه الأجهزة لمريض يشكو قصوراً حاداً في القلب. عن هذه العملية المعقدة وعن نجاحات مركز القلب في المستشفى الأهلي تحدّث الدكتور عبدالرزاق جهاني رئيس مركز القلب في المستشفى الأهلي.

أكّد الدكتور عبدالرزاق جهاني رئيس مركز القلب في المستشفى الأهلي، أنه تم إجراء عملية زراعة جهاز لقلب لرجل بريطاني الجنسية يعمل كمهندس في إحدى الشركات الكبرى في قطر كان يعاني من قصور حاد في القلب والذي ساعد في تغير حياته بشكل كبير حيث كان يعاني من فرط التعب وضيق التنفس الذي اعتقد في البداية أنه مجرد إرهاق بسبب ضغط العمل لكن أعراضه ساءت كثيرا لدرجة أنه لا يستطيع تسلق السلالم على الإطلاق، وأحيانًا يجد صعوبة في المشي أو حتى الذهاب إلى المرحاض. حضر إلى مركز القلب في مارس 2018. واشتكى من ضيق التنفس الشديد أثناء المشي وأحيانا أثناء النوم كان يعاني من صعوبة في التنفس  فالإستلقاء كان يجعله يشعر بالإختناق . قال إنه شعر أحيانا أنه سيموت. 

حالة دقيقة

قال الدكتور جيهاني: “إن المريض لديه سوائل في الرئتين وتورم في كلتا الساقين، ما يوحي بشدة بفشل القلب. وقد أُدخل على الفور حيث أكدت الفحوصات أنه يعاني ضعفا حادا في عضلة القلب. كشف تخطيط صدى القلب {الإيكو} أن كفاءة الضخ في عضلة القلب كانت 27% فقط (في حين تكون عادة 55-65%)، وخلال القبول تم إعطاؤه أدوية بالتنقيط الوريدي للحد من السوائل في الرئتين والجسم. 

تم إجراء تصوير الأوعية التاجية للتأكد مما اذا كان هناك انسداد في الشرايين التاجية التي تغذي عضلة القلب والتي تعد واحدة من أهم أسباب قصورعضلة القلب. يتم ذلك عن طريق تمرير قسطرة دقيقة من الذراع أو أعلى الفخذ لضخ وحقن كمية صغيرة من الصبغة مباشرة في الشرايين التاجية، والتي يمكن أن تكشف عن أي ضيق أو إنسداد في الشرايين التاجية. لم يكن هناك إنسداد وبالتالي تم إجراء تصوير القلب بالرنين المغناطيسي لدراسة بنية عضلة القلب بالتفصيل. وبالرنين تأكد وجود ندبات كبيرة في عضلة القلب ما يؤدي إلى ضعفها. وهذا ما يسمى “إعتلال عضلة القلب”.

العلاج بإعادة تزامن القلب

ثمّ قال:”كان من الواضح أنه يحتاج إلى أكثر من مجرد الأدوية الفموية؛ وبالتالي، أجرينا مناقشة طويلة مع المريض حول خيار زرع أحد الأجهزة الحديثة التي ثبت أنها تضيف إلى التحسين الذي حققته الأدوية. يمكن لهذه الأجهزة أيضا منع الموت القلبي المفاجئ الذي يُعرف بأنه تهديد لدى المرضى الذين يعانون من قصور القلب.

بعد دراسة تخطيط كهربية القلب (ECG) ومخطط صدى القلب (مسح الموجات فوق الصوتية) للقلب، أصبح من الواضح أن CRTD-ICD هو الجهاز المفضل في هذه الحالة. فهو بالإضافة إلى علاج معدل ضربات القلب البطيء، كما في حالة أجهزة تنظيم ضربات القلب الأخرى، إلا أنه يمكن لأجهزة CRTD-ICD أيضا التعامل مع التسارع الخطير الذي يحدث عند مثل هؤلاء المرضى والذي يؤدي لمنع الموت المفاجىء. 

والخاصية الهامة الأخرى لهذا الجهاز هي تحسين وظيفة عضلة القلب من خلال تحسين التنسيق بين البطينين الأيسر والأيمن للقلب، والذي يحسن من فاعلية عضلة القلب كثيرا ويعدّ العلاج بإعادة المزامنة القلبية عبارة عن جراحة لزرع جهاز في صدرك لجعل حجرات القلب  تنقبض بطريقة أكثر تنظيما وكفاءة.

يستخدم العلاج بإعادة المزامنة القلبية جهازا يُسمى الناظمة ثنائية البطين يرسل إشارات كهربائية إلى كلتا الحجرتين السفليتين في قلبك (البطينين). الإشارات تبلغ البطينين لديك بالإنقباض في الوقت نفسه ما يرفع من مقدار الدم الذي يتم ضخه من قلبك. كما يحتوي الجهاز كما أشرنا على مزيل رجفان مزروع بمحول قلبي (ICD)، والذي يستطيع أن يرسل صدمات كهربائية أقوى إذا أصبح نظام قلبك غير منظم بشكل خطير.

تجدر الإشارة إلى أن إجراء عملية الزرع  تم بواسطة الدكتور جيهاني، وبمساعدة من طبيب التخدير الدكتورة إيمان داود، إستشاري تخدير القلب. كان الإجراء سلسا وبدون مضاعفات وتم تمرير ثلاثة أسلاك من جهاز CRTD-ICD إلى غرف القلب التالية: واحد إلى الأذين الأيمن، واحد إلى البطين الأيمن والثالث تم تمريره إلى قناة وريدية خاصة في الجزء الخلفي تقع قريبا من البطين الأيسر والذي يسمى بالجيوب التاجية لأنه قريب من الغرفة الثالثة التي أردنا توصيل سلك لها.

خرج المريض في اليوم الثالث، وقد شوهد للمتابعة في العيادة لما يقرب من عامين قبل أن يعود إلى بلاده. لقد شهد تحسنا كبيرا في الحياة اليومية بعد زرع جهاز CRTD-ICD. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى