تكنولوجيا

مستشفيات الغد… رقمية

مستشفيات الغدرقمية

ابتكارات تكنولوجية في مجال الطب ترسم ملامح الرعاية الطبية الحديثة

إن الثورة في الابتكارات الآخذة بالانتشار والتوسع في السنوات الأخيرة أرخت بظلالها على واقع المستشفيات والمراكز الطبية لتتحول الى مستشفيات رقمية تتبع الأنظمة الحديثة لتصبح أكثر كفاءة وتميزا، في ظل القدرة على استحواذ احدث المعدات الطبية وتقنيات التصوير الطبي. هذا التطور العلمي والتكنولوجي الذي حدث في شتى المجالات انعكس بشكل كبير على القطاع الطبي في مختلف مجالاته. لقد أدركت كبريات الشركات التي تعنى بتكنولوجيا الرعاية الصحية، أهمية دخول الأنظمة الرقمية والتقنيات التشخيصية الحديثة الى عالم المستشفيات، فوضعت جلّ تركيزها في هذا الإطار وتنافست فيما بينها لتقديم أفضل الأجهزة الرقمية فأسهمت في تغيير واقع المستشفيات؛ والمنافسة هنا تحولت الى علاقة تكامل تهدف الى الحصول على رعاية أفضل يستفيد منها المريض بالدرجة الأولى.

المنتجات الحديثة والتطورات التي يشهدها العالم الرقمي انعكست إيجابا على واقع المستشفيات الحديثة ما أسهم بالتالي في تحسين حياة الناس بشكل يفوق التوقعات، من دون الوقوف عند هذا الحد بل إننا في كل عام نسمع عمّا هو جديد ومتطور في مجال الابتكارات على مستوى الرعاية الصحية والخدمات الطبية والتشخيصية.

تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كان لها الدور البارز في تحول المستشفيات من تقليدية الى رقمية متطورة؛ ولعل تبنّي مستشفيات منطقة الشرق الأوسط والخليج للأنظمة الحديثة والبنية التحتية الرقمية هو أبعد من نظام متطور لإدارة المعلومات داخل أروقة المستشفى، بل انه يسهم في تقديم خيارات إضافية متميزة كونها أصبحت بمثابة الوسيط التكنولوجي بين تقنية المعلومات والتقنية الطبية. ويأتي نظام المستشفيات الرقمي ليقدم نظاماً معلوماتياً طبياً كاملاً يوفر بيانات عن المرضى، أجهزة العمليات، إشغال الغرف، النداء الآلي للطاقم الطبي المساعد، فاعلية الموظفين، حسابات المخزون، الإيرادات وغير ذلك من معلومات حيوية مهمة.

غرف عمليات رقمية

دخلت التقنيات الرقمية الى غرف العمليات من أوسع الأبواب فأسهمت في مساعدة الجراح على أداء عمله بدقة متناهية، بحيث غيّر العنصر الرقمي مجريات الأمور داخل غرفة العمليات وبات يسيطر عليها بشكل كبير وذلك في مجالات الطب والجراحة كافة. الجراحة بشتى أنواعها، سواء الجراحات العامة أو المتخصصة كجراحة المسالك البولية وجراحة الأعصاب والعيون والعظام والجراحات النسائية وغيرها، نالت نصيباً كبيراً من الثورة الرقمية الحديثة؛ والأمر لم يتوقف عند ما وصلنا إليه اليوم، بل إن العلم في سعي دؤوب للتوصل الى المزيد من الإبتكارات الحديثة إلى تحسين نوعية الجراحة وتقليل مخاطرها ومضاعفاتها واختصار مدة الجراحة ومدة النقاهة اللازمة بعد الجراحة.

الجراح خلال العملية بات قادرا على التواصل مع مراكز عالمية من خلال توفير تقنية النقل المباشر للجراحة خلال إجرائها والحصول على استشارة مباشرة على الهواء؛ المريض في هذه الحالة حصل على استشارة عالمية من دون أن يتكبد عناء السفر. فالتطور التكنولوجي بات حاجة ملحة داخل غرف العمليات. تطور غرف العمليات الرقمية لا يتوقف عند هذا الحد، بل ان من مواصفاتها توافر أجهزة التصوير الطبي ومنها الرنين المغناطيسي التي تعطي صورة واضحة للطبيب للتأكد من إزالة الورم، بحسب نوع العملية، من خلال الدقة العالية في التصوير أثناء إجراء العملية بخلاف ما كان يحدث في السابق حيث كانت تُجرى العمليات ثم يتم إجراء الأشعة للتأكد من استئصاله كاملا. يتوافر اليوم داخل غرف العمليات العديد من الأدوات والأجهزة المتطورة كان لها الدور الأساس في تبسيط عمل الجراح وجعله أكثر دقة؛ فالأدوات النمطية البسيطة التي كانت معتمدة في ذلك الوقت كانت تزيد من معاناة المريض، أما الآن فقد أصبحت حديثة وذكية وفي الوقت نفسه سهلة الاستخدام. كما أن معظم العمليات أصبحت تجرى الآن بواسطة منظار صغير يستطيع الجراح بواسطته إجراء العملية في وقت قصير جداً، وبما أن مضاعفات العملية باتت أقل فإن المريض يستطيع أن يخرج من المستشفى في اليوم نفسه أو في اليوم الثاني على أبعد تقدير.  كما أن استخدام الأجهزة والأدوات الحديثة في غرف العمليات الرقمية أحدث نقلة كبيرة أدت الى تحقيق العديد من النجاحات، فالتطور شمل أجهزة التصوير والأدوات الجراحية المستخدمة، ونسبة الخطأ تكاد تكون معدومة باستخدام تلك الأدوات المتطورة.

الجراحة بالمناظير أصبحت جزءاً أساسيا من تجهيزات غرف العمليات الحديثة، بحيث يكتفي بإحداث فتحات صغيرة يتم من خلالها إدخال أدوات دقيقة تتم مراقبتها والتحكم بها من خلال أجهزة ضوئية وميكانيكية وإلكترونية خاصة. استخدامات الكمبيوتر وتطبيقاته داخل أروقة المستشفيات الحديثة، وكذلك الليزر والموجات فوق الصوتية في الجراحة كلها تطورات أحدثت تقدماً كبيراً ووفرت الكثير من الوقت والمعاناة على المريض، بل وأصبح بالإمكان إجراء جراحات دقيقة لم يكن من الممكن إجراؤها سابقا بدون هذه التقنيات المتقدمة. على صعيد الفوائد المرجوة من غرف العمليات الرقمية والتقنيات الحديثة، فهي كثيرة منها على سبيل المثال تقليل احتمالات الالتهابات التي قد تنتج بعد الجراحة التقليدية وتقليل فترة البقاء في المستشفى بعد الجراحة وتقليل فترة النقاهة اللازمة للمريض ما يسمح له بالعودة إلى ممارسة أعماله وحياته العادية خلال فترة قصيرة نسبيا.

ومن الأمور المهمة أيضا ارتفاع نسبة نجاح العمليات الخطرة وهي من فوائد استخدام المعدات والتقنيات الحديثة التي قللت أيضا من نسبة فقد المريض للدم أثناء إجراء العملية باستخدام المناظير.

الجراحات الروبوتية

تعتبر الجراحات الروبوتية انعكاسا للتطور الرقمي الآخذ في الانتشار داخل غرف العمليات الحديثة الرقمية وهي تشكل اليوم عصر ما بعد جراحة التنظير؛ السنوات العشر الأخيرة كانت كفيلة في إحداث ثورة في عالم الجراحة حيث بات الجراح قادرا على الحصول على رؤية قريبة من الطبيعية التي تعطي إحساس العمق وثلاثية الأبعاد، وإعطاء اليد في أطراف يد الروبوت إمكانية الحركة على ستة محاور،  مميزات الجراحة الروبوتية تضاف إلى مميزات جراحة تنظير البطن من حيث المزايا التي تتمتع بها هذه الجراحات من قلة الألم وتدني مستوى العدوى وقلة الندوب إثر الجرح  ويقول أضف الى ذلك، تعتبر الجراحة الروبوتية أكثر أماناً بسبب الحد الأدنى من تماس أعضاء البطن الداخلية مع جو غرفة العمليات، وتكون نسبة اكتساب العدوى أقل بدرجة واضحة عن العمليات المفتوحة، مع تميزها برؤية ثلاثية الأبعاد ومكبرة مما يضمن رؤية جيدة وحماية للأوعية الدموية والأعصاب.

التكنولوجيا الرقمية وتقنيات التشخيص

لقد وصل علم الأشعة الى مراحل متقدمة في الرّقمنة، حيث بتنا نسمع اليوم عن الكثير من الابتكارات التي دخلت عالم الطب وأخرى ينتظرها العالم وسوف تكون استكمالات لسابقاتها من حيث التأثير الإيجابي في المجال الطبي. علم الأشعة يعتبر أحد فروع الطب التي تستخدم تقنيات التصوير الطبي لمساعدة الطبيب في الحصول على التشخيص الملائم، وتطور هذا العلم تطورا كبيرا، فبعد أن كان يقتصر على استخدام الأجهزة المصدرة للأشعة السينية في بداية ظهوره، توسع في الوقت الحاضر ليشمل أجهزة أخرى مثل التصوير بالأمواج فوق الصوتية والتصوير الطبقي المحوري، والتصوير بالرنين المغناطيسي.

الجديد في علم الأشعة هو تطور التصوير بالرنين المغناطيسي الذي يعطي صورة ذات جودة أفضل تساعد الطبيب على التشخيص الأدق، إضافة الى تشخيص أمراضا لم يكن هناك إمكانية على تشخيصها؛ أشعة الماموجرام بالصبغة تعتبر أيضا من الأساليب المتطورة لتشخيص سرطان الثدي في مراحله المتقدمة، خاصة فئة المريضات ذوات الغدد الكثيرة بالثدي.

أجهزة أشعة الماموجرام الرقمية مع الصبغة هي أحدث ما توصلت إليه التكنولوجيا في تشخيص سرطان الثدي، فهي أجهزة حساسة جداً، وعند استخدام أجهزة الماموجرام العادية، من الممكن أن يكون الورم مختفيا خلف أحد الأنسجة السميكة في الثدي، ولكن أجهزة الماموجرام مع الصبغة تستطيع رصد أي شيء غير طبيعي في الثدي، وتكشف الورم من داخل الأنسجة، وهو ما يمكن من الاكتشاف المبكر لسرطان الثدي.

كما أن أشعة الموجات فوق الصوتية تلعب دورا هاما في تشخيص أمراض العظام، والحد من تطورها، والوقاية من خطورة مضاعفاتها؛ تلك الأشعة أصبحت الآن بفضل التطور التكنولوجي الحديث تشخص إصابات الأربطة والأوتار المحيطة بالمفاصل، وإصابات منطقة الكتف والتهاب الأوتار.

ثم أن أجهزة الرنين المغناطيسي تسهم في الاكتشاف المبكر للكثير من الامراض؛ وكذلك الامر بالنسبة لأشعة التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني “Pet Scan”، وهي تقنية تصوير في الطب النووي تبين صور ثلاثية الأبعاد لبعض أعضاء الجسم، وتكشف وجود الأورام السرطانية، وتساعد في الاكتشاف المكبر للسرطان لتعرفها على الخلية السرطانية في بدايتها. الى جانب دقة التشخيص، فإن التطورات في التقنيات الجديدة تتميز بسهولة العمل وسرعة الحصول على النتيجة. كما أن تطوّر الكمبيوتر والتقنية الرقمية في تطبيقات التشخيص الطبي باتت تلعب دورا محوريا الآن، حيث أنها تساعد الأطباء على التشخيص الدقيق لكل أجزاء الجسم، مؤكدًا أن الأشعة تمثل التخصص الوحيد الذي يعرف كل أمراض الإنسان. كما تمكن هذه التقنية من خزن المعلومات ونقلها إلى الجهة الأخرى من البلد أو العالم خلال دقائق معدودة.

يستفيد الأطباء من هذه التطورات لتطبيقها في عموم علم الأشعة المرئية لتوفير الانتشار السريع للصور المعلوماتية وتقليل الوقت بين اقتنائها وتشخيصها. كما أن استخدام الأفلام الرقمية لأشعة (اكس السينية) يمكّنها من توفير عرض مباشر لأنظمة أشعة اكس في كل أقسام المستشفى. ويطور أطباء الأشعة طرقا جديدة في كيفية دراسة هذه الصور المستخدمة في العرض المباشر لأشعة (اكس الرقمية).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى