تكنولوجيا

كيف يؤثر الواقع الافتراضي والواقع المعزز في قطاع الرعاية الصحية؟

كيف يؤثر الواقع الافتراضي والواقع المعزز

في قطاع الرعاية الصحية؟

يتوقع خبراء الصناعة العالمية أن ترتفع قيمة استخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز في مجال الرعاية الصحية الى 3.8 مليار دولار بحلول العام 2020. وتشهد هذه الصناعة تغييرا ملموسا للأفضل مع إستخدام الحقائق الافتراضية. ويظهر ذلك في تغيير حياة المهنيين والمرضى على حد سواء. ويمكن لهذه التكنولوجيا الجديدة أن تعزز تحسين الإجراءات الطبية وتوفّر مستوى من التعليم يساعد المرضى على الشفاء. وتشير توقعات العديد من مراقبي التكنولوجيا إلى أن تقنيات الواقع الافتراضي يمكن أن تحدث تغيّرات جذرية في مجالات عدة وفي طريقة عمل الكثير من القطاعات، وأظهرت نتائج التوقعات أن قيمة سوق تقنيات الواقع الافتراضي سترتفع إلى 80 مليار دولار بحلول العام 2025.  

لا يتوقف الباحثون عن اكتشاف المضاعفات الناجمة عن الوزن الزائد والسمنة المفرطة، فقد تبين وجود رابط بين السمنة وبين السلس البولي الذي ينتشر بصورة كبيرة لدى النساء البدينات بنسبة تعادل 5 أضعاف منه لدى النساء أصحاب الوزن المعتدل. الأبحاث الحديثة أظهرت أن الكيلوغرامات الزائدة يمكن أن تزيد خطر سلس البول لدى جميع النساء، مع إمكانية الشعور بالتحسن عند خسارة الوزن.

من المعروف أن تكنولوجيا الواقع الافتراضي ما زالت حديثة النشأة. ويتوقع على مدار السنوات القليلة القادمة أن تستثمر العلامات التجارية الدوائية والمستهلكة في الرعاية الصحية، حيث تصبح الفوائد والبيانات متاحة. وهناك بعض البيانات التي تظهر بالفعل دعم إستخدام الواقع الافتراضي كعلاج لتشتيت الآلام المترتبة على الجروح المؤلمة. مثل SnowWorld والذي يسمح لضحايا الحروق الشديدة اللعب بالالعاب الثلجية أثناء تغيير ضمادات الجروح الخاصة بهم.

الواقع الافتراضي في الطب

في نيسان/ إبريل من العام 2016 تم إجراء عملية جراحية لإزالة الأنسجة السرطانية من الأمعاء لمريض ولأول مرة بإستخدام كاميرا الواقع الافتراضي 360 درجة، وحدث ذلك في مستشفي رويال في لندن. وتمت مشاهدة العملية من خلال تطبيق “VR in OR” باستخدام نظارة الواقع الافتراضي مقترنة بهاتف ذكي.

وتم عمل بث مباشر عبر الانترنت. ويعد هذا النهج تحولا في مسار التعليم الطبي؛ فبدلا من وجود عدد قليل من الطلاب يلتفون حول الجراح لمشاهدة إجراء جراحة ما. بات يمكن للعديد من المتدربين الطبيين الآن أن يعيشوا هذه التجربة في أي وقت ومن أي مكان. 

ومعلوم أن الواقع المعزز يعمل مع الهواتف الذكية. ويتوقع أن يكون له مستقبل أقوى. ويمكن أن تدخل تكنولوجيا الواقع المعزز في صناعة الرعاية الصحية على مستويات مختلفة. 

ويختلف الواقع المعزز عن الواقع الافتراضي في كون المستخدمين له لا يفقدون الاتصال بالواقع المحيط بهم. وتزودهم بالمعلومات التفاعلية من خلال عرض الكاميرا المباشر على شاشات الهواتف الذكية وهذه الصلاحيات وثيقة الصلة بشكل خاص بالرعاية الصحية. وأحد الأمثلة على قدرة الواقع المعزز في مساعدة المرضى في حالات العيون. فهناك تطبيق Eye Decide  يمكن للأطباء إظهار محاكاة المرض في حالات معينة. وهذا يمكّن المرضى ومقدمي الخدمة من فهم المشكلة بشكل أفضل. ويحسن كيفية إدارة معالجتها. وهناك جمعيات خيرية تستخدم تكنولوجيا الواقع الافتراضي مثل الجمعية الوطنية للتوحد في المملكة المتحدة والتي قدمت فيلم للواقع الافتراضي لنقل ما يشبه الحياة التي يعيشها مرضى التوحد.

وايضا حملة ‘‘تجربة الصداع النصفي‘‘ لعائلات وأصدقاء المرضى الذين يعانون من الصداع النصفي من خلال استخدام الواقع الافتراضي وتجربة الانغماس. وهذه التجارب تفتح باب الى مستويات أعلى من الفهم والتعلم لكلا من الاطباء والمرضى.

تقنية الواقع الافتراضي هي تقنية تتم بشكل رئيسي عبر نظارة يتم من خلالها المشاهدة في كل الاتجاهات بزاوية رؤية 360 درجة وهو ما يتيح للشخص الشعور بالتواجد في البيئة الافتراضية التي يشاهدها عبر النظارة. وإن أحد مجالات استخدام التقنية في الطب، يتمثل في العلاج من الجلطات الدماغية وفي مجال التأهيل والعلاج الطبيعي، فمن خلال هذه التقنية يتاح للمريض مزاولة التمارين والألعاب تحت إشراف طبي كلعب كرة القدم، حيث يحاول المريض المشي وممارسة الرياضة. وأهمية هذه التقنية أنها تحفّز الدماغ وتساعد المريض على ممارسة التمارين بطريقة مسلية، وهو ما يرفع من مدة استخدام المريض لمثل هذه التطبيقات. 

وقد حاز هذا الأمر على اهتمام الكثير من الباحثين في محاولة لتطوير برامج وتطبيقات للمرض وكذلك قياس مقدار التحسن. واشتهرت تقنية الواقع الافتراضي خلال السنوات الماضية في مجال الألعاب الترفيهية كونه قطاعاً حيوياً ويحقق عائدات مالية ضخمة، ويدعم من انتشارها انخفاض تكلفة التقنية وهو ما سهل دخولها في الكثير من المجالات الطبية والنفسية الهامة، ومنها على سبيل المثال استخدامها في علاج الفوبيا كالخوف من المرتفعات أو صعود الطائرة وغيرها، وأهمية العلاج بذات التقنية أنها تساعد المريض تدريجيا على تخطي مثل هذه المصاعب النفسية دون تدخل بشري، ويتم ذلك في بيئة آمنة للمريض وهو ما يحقق نتائج إيجابية.

المستقبل بمنظور جديد

بدأت التطبيقات الأولى للواقع الافتراضي في وكالة الفضاء الأميركية (NASA) إلا أنها انتشرت لتشمل العديد من مجالات الحياة، من بينها: الطب، والعمارة، والتربية والتدريب والطيران، والتصميم الهندسي، والجيش، والتسلية؛ وذلك تلبية لاحتياجات تلك المجالات من تطبيقات الواقع الافتراضي، وحل الكثير من مشكلاتها. ويتوقع المختصون أن يكون لدخول تكنولوجيا الواقع الافتراضي والواقع المعزز على صناعة الرعاية الصحية، الاثر الكبير على تحسين هذه الصناعة وإزدهار مستقبلها وتطوره. ويمكن لبرمجيات الواقع الافتراضي الوصول الى مستويات عالية من التدريب الفائق والمتسق مع التجربة الغامرة. وسينخفض حجم إستهلاك الوقت بالنسبة للممارسين في التدريب، وايضا المرضى في معرفة كيفية إستخدام الادوية ومساعدة أنفسهم.

فعن طريق الواقع الافتراضي يمكن للأطباء التدريب على إجراء الجراحات الجديدة على نماذج محاكاة للإفراد. وباستغلال ما يعرف بالحضور من بعد، وهو ما يعني إعطاء الفرد الإحساس بالتواجد في موقع بعيد عما هو فيه، يمكن لطبيب ما في أحد المستشفيات إجراء جراحة عاجلة لأحد الجنود بالتحكم من بعد، بينما الجندي لا يزال في أرض المعركة، بدلاً من الانتظار حتى نقله إلى المستشفى. ومع التطور الكبير الذي تشهده هذه الصناعة هناك محاولات لدمج الواقع الافتراضي مع تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الكبيرة. وهو ما سيؤدي بدوره الى خلق طرق جديدة من التدريب والتعليم والعلاج. ولا شك في أن قطاع الروبوتات والذكاء الاصطناعي والواقع الافتراضي هي قطاعات لها تأثير أساسي في الرعاية الصحية في المجتمعات، اذ يعتبر قطاع الرعاية الصحية ثاني أكبر قطاع توظيفاً لتكنولوجيا الواقع الإفتراضي، ويبلغ حجم السوق 5.1 مليارات دولار. وتوظف هذه التكنولوجيا في استخدامات عدة منها العمليات الجراحية، العمليات التي يجريها الروبوت، والتدرب على المهارات من دون تعريض المريض لأي خطر فعلي.

واقع إفتراضي يحاكي الحقيقة 

يرجو الجميع من تكنولوجيا الواقع الإفتراضي-Virtual Reality أن يتم تطبيقها على نطاق أوسع، وأقرب إلى التنفيذ في وقتنا الحالي، وقد قام مَجمع البحوث الهندسية وعلوم الفيزياء في عام 2009 بنشر وتمويل إختراع وضعه علماء من جامعتي York وWarwick وهو عبارة عن جهاز يضعك في عالم إفتراضي هو أقرب ما يكون للحقيقة، ليجعلك ترى، تسمع، تشُم، تتذوق، وحتى تلمس ما تراه، وقد أُطلق على هذا المشروع إسم (نحو واقع إفتراضي حقيقي-Towards Real Virtuality). هذا يُعد أول جهاز تحت لواء هذه التكنولوجيا يمكنه محاكاة الحواس الخمس. ليجعلنا بذلك قادرين على طرح بعض الأسئلة التي لولاها لما جرئنا على طرحها مثل: ماذا كانت طبيعة الحياة في مصر القديمة؟ ماذا كانت الشوارع تبدو حينئذٍ، وماذا كانت طبيعة الأصوات والروائح في تلك الأنحاء العتيقة؟ لقد عقدت هذه التكنولوجيا أملا كبيرًا على أنه قد يكون بإمكاننا في يومٍ من الأيام أن نزور كل تلك الأماكن والحِقب التاريخية كـ “سُيَّاح إفتراضيين”. 

وانطلاقا من هذا المفهوم، يمكن تطبيق تكنولوجيا الواقع الإفتراضي في المجال الطبي وهو أمر ضروري ويساعد بشكل كبير في الإجراءات الطبية. ففي تجربة إفتراضية سيكون متاحا للمعنيين القيام بالإجراءات المطلوبة، كما للمرضى تخيل أنهم موجودون فعلا أمام الطبيب مباشرة. “نحن نحاول أن نجرب رسم شخصيات مختلفة من حيث الحالات الطبية، والتغيرات الحسية التي يشعر بها المريض من منظورِه الخاص”… قالها (Carrie Shaw) طالب الماجستير في مجال تصوير الطب الحيوي في جامعة (Illinois) بشيكاغو، ومُبتكر هذه الدراسة. الهدف الرئيسي من هذا الجهاز هو إعداد مُنتج يمكنه المساعدة في معالجة وراحة المرضى، والتفاعل والتواصل مع كِبار السن عن طريق الشعور بما يشعرون وتطبيق الاستشارة والعلاج الصحيح، وبمثابة إضافة جيدة لخبرات طلبة الطب الذين هم في بداية الطريق. لكن على الرغم من كل تلك الإيجابيات والثورة المحدثة في عالم الطب نتيجة هذا التطور، إلا أنه لا يخلو من بعض المخاوف. فما هي؟

مخاوف التغيير وهواجس التطبيق

صحيح أن تقدما كبيرا تم إحرازه في مدى دقة أجهزة الاستشعار التي صُممت للاستخدام الطبي، إلا أن هناك مخاوف تتعلق بمجريات العمل والتطبيق منها: 

  • مقاومة بعض المرضى لمثل هذه التكنولوجيا وعدم رغبتهم في استخداما. 
  • بعض المشاكل التقنية التي قد تعترض الإجراءات خلال الممارسة.
  • مخاوف تتعلق بعمر بطارية الأجهزة، إذ إن بعض الأجهزة الموجودة في السوق حاليًا لديها بطاريات طويلة المدى، لكنها تحتاج إلى الاستبدال بعد عام من الاستخدام. كما تحتاج معظم أجهزة تعقب المرضى إلى شحنها من أجل ضمان تقديم قراءات دقيقة، في حين أن الأجهزة الطبية ينبغي أن تتسم بالقدرة على العمل لفترات طويلة من دون الحاجة الى شحنها.

الطباعة الثلاثية الأبعاد في القطاع الصحي

تعتبر الطابعات الثلاثية الأبعاد أحد أنواع الإنسان الآلي، الذي يمكنه عمل أي شيء ثلاثي الأبعاد، أياً كان شكله، عن طريق وضع طبقات من المادة الخام تحت تحكم جهاز كمبيوتر. وعلى رغم أن عملية الطباعة الثلاثية الأبعاد تستغرق على الأقل 30 دقيقة، وهي مدة قد تكون طويلة في الحالات الصحية الطارئة، فإن التقنية تفتح أبواباً جديدة للمرضى، يستفيد منها 50 ألف شخص على الأقل في مختلف أنحاء العالم من جراء الأدوات الجراحية المصنوعة من خلال الطباعة الثلاثية الأبعاد، وفقاً لشركة مودرن هيلث كير، إضافة إلى مساعدة المرضى بشكل مباشر عن طريق طباعة الأعضاء أو الأنسجة. وتوفر هذه التقنية فرصاً جديدة للنمو في القطاع الصحي، إذ يوضح تقرير أصدرته فيجن غين، وهي شركة أبحاث تسويقية في لندن، أن القيمة المتوقعة لسوق الطباعة الثلاثية الأبعاد في الصحة في العالم ستصل إلى أكثر من أربعة بلايين دولار، بينما تتوقع شركة آي دي تك إكس أن يصل حجم السوق نفسها إلى 868 مليون دولار بحلول 2025.

ومع هذا التطور، بدأت عمليات تغيير مفاصل الركبة في الاتجاه نحو قطع مصنوعة بالطباعة الثلاثية الأبعاد، والتي يمكن تصميمها بشكل يتناسب مع كل مريض، كما أن الأسنان الصناعية والأذن وغيرها، كلها يمكن طباعتها الآن. وقد اجرى مستشفى رويال في لندن أخيراً، عمليات جراحة أورام باستخدام كاميرات من جميع الأبعاد كجزء من برنامج طبي صمم لتعليم طلاب كلية الطب وأفراد المجتمع. ويعتقد أن تقنيات الواقع الافتراضي قادرة على رفع كفاءة قطاع الرعاية الصحية وأن من شأنها تعزيز مستوى تدريبات الجراحة على مستوى العالم. وقد جرى مؤخراً عرض أحدث ما توصل اليه الطب وهو أول جهاز من نوعه في دبي والشرق الأوسط، لأشعة الرنين المغناطيسي، يمكنه تصوير المريض في أوضاع عدة، منها الجلوس والوقوف والوضع الديناميكي خلال الحركة والأوضاع التي تسبب له الآلام، سواء في العمود الفقري أو في المفاصل. كما بات يستخدم اليوم جهاز “سينهاتس” وهو عبارة عن جراحة روبوتية تستخدم في جراحة المناظير، وفيها حساسات يشعر الطبيب بكل حركة للروبوت، وحاليا يستخدم هذا الجهاز في فرنسا وإيطاليا وألمانيا وبريطانيا، وقريبا في دبي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى