مقالات طبية

مراكز العناية الشاملة بمريض السكري

خدمات طبية متخصصة

مراكز العناية الشاملة بمريض السكري

يحتاج مريض السكري إلى عناية شاملة تطال كامل أعضائه نظراً للضرر الذي يلحقه هذا الداء في جسم المريض؛ من هنا كانت الحاجة إلى إنشاء مراكز متخصصة تقدّم العناية الشاملة للمريض بحيث يحصل على الخدمات الطبية كافة في مكان واحد من دون الحاجة إلى التنقل من طبيب لآخر. يتوافر اليوم صروح طبيّة ومراكز متخصصة وفق أعلى المعايير العالمية تتابع مرضى السكري بأدق تفاصيل حياتهم وتعطيهم الإرشادات والنصائح اللازمة عند الحاجة بدءاً من التشخيص وصولاً إلى بروتوكولات العلاج المناسبة مع النصائح والإرشادات اللازمة والمتابعة الحثيثة.

تزخر دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط بهذا النوع من المراكز الطبية التي كان لها أثر كبير في تشخيص حالات السكري ومتابعتها عن كثب وتجنيب المريض المضاعفات الخطيرة حيث يخضع لأهم البروتوكولات العلاجية إلى جانب خطط وبرامج للوقاية بهدف تقديم العناية الشاملة بمرضى السكري. يجد مريض السكري في هذه المراكز الشاملة عيادات متخصصة في فحص شبكية العين والأطراف والأوعية الدموية الدقيقة والشرايين، وفحص الكلى، وعلاج أمراض الغدد الصماء والسكري والعناية بالقدم ونصائح خبراء التغذية وغيرها من الأمور التي يحتاجها مريض السكري بشكل دوري.

تثقيف مريض السكري

ثقافة مريض السكري تأتي في صلب إهتمامات مراكز العناية الشاملة لأن هذا المرض سيرافقه طوال حياته وهو بحاجة إلى إحاطة شاملة يدرك فيها المريض ماهية مرضه ومضاعفاته وكيف يعتني بنفسه وغذائه ويضبط معدل السكري لديه. 

توفر تلك المراكز لقاءات تثقيفية مع متخصصين تعطي المريض المعلومات اللازمة حول كيفية التعايش مع المرض له ولأسرته سواء عبر لقاءات فردية أو محاضرات تصب في إطار تثقيف مريض السكري. التثقيف الصحي يشكل الخطوة الأساسية لنجاح جميع الأركان العلاجية والضمان لتنفيذ البرنامج العلاجي والإلتزام به كعادة حياتية روتينية منتظمة.

فعند تشخيص الإصابة بمرض السكري للمرة الأولى، يشعر المريض بالخوف والضياع فضلاً عن التساؤلات الكثيرة حول كيفية التعايش مع هذا المرض، وهنا يأتي دور تثقيف المريض حيث توفر تلك المراكز الدعم النفسي والثقافي فيشعر المريض أنه ليس الوحيد الذي أصابه داء السكري بل هناك ملايين من الناس يعانون من مثل هذا الداء ومعظمهم يعيشون حياة طبيعية وعادية.

يتمحور تثقيف مرضى السكري من النوع الثاني حول أهمية إنقاص الوزن وزيادة التمارين الرياضية وتعلّم الوسائل الكفيلة المتعددة لتحقيق ذلك. أما بالنسبة لمرضى النوع الأول، فإن التعليم والتثقيف يعني أن يتعلم المريض ما هو مرض السكري وما هي مسبباته وكيفية التعايش مع علاجات هذا النوع من المرض ودمجها مع حياته اليومية وفعالياته الحياتية، وامتلاك المهارات لمواجهة المشكلات الطارئة التي قد يتعرض لها مثل هبوط سكر الدم.

مرضى السكري بحاجة إلى قدر عالِ من التثقيف والوعي ليتمكنوا من التكيف في جميع أوجه الحياة، فالسكري مرض مزمن سيرافق المريض طوال حياته مما قد يؤثر على الجوانب الصحية والنفسية والإجتماعية والإقتصادية للفرد.

ولكن، ما هي أهم الخدمات الطبية التي يحتاجها مريض السكري؟

الغدد الصماء والسكري

مرض السكري هو مرض يصيب جهاز الغدد الصماء التي تفرز الهرمونات وتتحكم في النمو والتكاثر وتنظم عمل كل عضو في الجسم. يحدث مرض السكري عندما لا ينتج البنكرياس كمية كافية من الأنسولين  أو تصبح الخلايا مقاومة للأنسولين وغير قادرة على تحويل الكربوهيدرات إلى وقود قابل للإستخدام.  يأتي دور أخصائي الغدد الصماء والسكري في تشخيص هذه الحالة وإعطاء المريض العلاج المناسب بعد تحديد نوع السكري والأمراض المرتبطة به. يتعامل أطباء الغدد الصماء مع مرض السكري بالأدوية التي تعمل على تقليل نسبة السكر في الدم إلى جانب الحميات الغذائية التي تعتبر مكملة للعلاجات الدوائية لتسهم مع الوقت في السيطرة على الحالة المرضية. يحصل المريض في مراكز العناية الشاملة بمرض السكري على رعاية عالية الجودة للمرضى تشمل تقديم خدمات الغذاء والمعالجة بالتغذية الطبية.

فحص شبكية العين

لعل أكثر الأعضاء تضرراً جراء مرض السكري هي شبكية العين حيث تدخل مضاعفات مرض السكري ضمن أهم الأسباب التي تؤدي إلى العمى لدى هذه الفئة من المرضى؛ من هنا، يركز الأطباء على ضرورة الفحص الدوري لشبكية العين لما لذلك من دور أساسي في الكشف المبكر عن أي خلل ومتابعته بشكل لا يزداد سوءاً مع التقدم في العمر. 

في مثل هذه المراكز الشاملة، لا يحتاج المريض إلى عناء الإنتظار أو البحث عن طبيب العيون الملائم، بل إن فريق المتابعة لحالته المرضية سرعان ما يحوله على الطبيب المناسب؛ وهنا ينبغي التأكيد على أنه حتى لو لم يكن لديه أي أعراض بصرية وكانت مستويات الجلوكوز ضمن الحدود الطبيعية، فإن الضرر قد يكون قد بدأ من دون أن يدرك المريض ذلك لأن تأثيرات مرض السكري تبدأ بصمت ليتسبب بأضرار جسيمة لشبكية العين مع الوقت.

المرضى الذين يعانون من مرض السكري من النوع الثاني وليس لديهم مشاكل في شبكية العين، عليهم إجراء فحص وقائي أولي عند التشخيص بالمرض، على أن يلي ذلك فحوصات سنوية لتقييم الحالة. أما مرضى السكري من النوع الأول، عليهم البدء بالفحوصات الأولية بعد خمس سنوات من التشخيص، على أن يتم إجراؤها سنويًا بعد ذلك. في حال وجود أي مشاكل في شبكية العين، يوصي طبيب العيون بمزيد من الزيارات بهدف مراقبة المشكلة ومعالجتها.

العناية بالقدم

القدم السكري هي إحدى المضاعفات التي يتعرض لها مريض السكري والتي يمكن أن تتفاقم مع مرور فترات طويلة من إرتفاع معدل السكري في الدم ما يؤدي إلى الإعتلال العصبي وفقدان الإحساس بالأطراف. والخطورة هنا تكمن في ما قد ينتج عن الإصابة بالقدم السكري والمضاعفات الناتجة عنها التي قد تصل إلى بتر القدم. مرضى السكري قد لا يلاحظون الجروح أو التشققات في أقدامهم نتيجة إصابتهم بخلل الأعصاب وفقدان الإحساس الناتج عن إضطرابات في سريان الدم التي تحدث لديهم بفعل الإرتفاع الشديد لنسب السكر بالدم. 

من هنا، توفر مراكز العناية الشاملة أطباء متخصصين للكشف على القدم وشرايين الأرجل لمعرفة ما إذا كان هنالك خطورة في أن تتكون جروح في القدم قبل حدوثها وإمكانية إجراء عمليات جراحية لتوسيع الشرايين أو حتى زراعة وتوصيل الشرايين إلى الجزء المتأثر من الجسد مع أخذ العقاقير الطبية للمساعدة لتحسين مسار الدم داخل الأوعية الدموية. يُنصح مرضى السكري بإجراء فحوصات يومية والبحث عن جروح أو قروح جديدة، خصوصاً على القدمين وبين الأصابع وتحتها. وعليه أن يزيل الأنسجة  الزّائدة التي غالباً ما تحدث مع جروح السكري، لأنها سبب لتراكم البكتيريا وزيادة عدوى الجرح، ويمكن الإستعانة بمساعدة الطّبيب في عمليّة الإزالة. 

السكري وضغط الدم المرتفع 

العلاقة بين السكر وأمراض الكلى وثيقة للغاية، حيث تشير الأبحاث إلى أن حوإلى 50-60% من مرضى السكر يصابون بمرض إرتفاع ضغط الدم. ارتفاع ضغط الدم والسكري من النوع 2 كلاهما يحدث للأسباب نفسها وهي حالة تشمل السمنة وأمراض القلب والأوعية الدموية. تقدم مراكز العناية الشاملة بمرضى السكري النصائح والإرشادات اللازمة للسيطرة على ضغط الدم المرتفع وداء السكري من خلال العلاجات الدوائية بالدرجة الاولى ومن ثم حث المريض على إدخال تعديلات على نمط حياته من حيث الغذاء الصحي المناسب لحالته المرضية، والنشاط البدني المنتظم الذي يسهم في خفض ضغط الدم والمساعدة في التحكم في نسبة السكر في الدم،  والاقلاع عن التدخين لما لهذه الخطوات من أثر فعال في نجاح العلاج والسيطرة على الحالة المرضية بشكل بعيد المدى. يقوم الطبيب بإعداد خطة علاج تناسب حالة المريض الذي بدوره يبقى على تواصل دائم مع الطبيب الخاص به.

الكوليسترول وأمراض القلب

يعتبر مرض السكري من أهم الأسباب للإصابة بأمراض القلب وخاصة أمراض الشريان التاجي؛ مرضى السكري تنخفض قدرة الجسم لديهم على إفراز كميّات كافية من الانسولين، أو لا يتمّ الإستفادة من الانسولين الذي يتمّ إنتاجه. وبما أنّ الخلايا لا تستطيع إدخال الجلوكوز فإنّه يتجمّع في الدم ويلحق الضّرر بالأوعية الدمويّة الصّغيرة الموجودة في الكِلى أو القلب أو العيون أو الجهاز العصبيّ.  مشكلة مرض السكري تكمن في أنه مع مرور الوقت والسنوات يعيق عمل الأوعية الدموية الكبيرة التي تروي القلب أو الرقبة أو الساقين، حيث تتراكم الدهون على جدران الشرايين وتتفاقم هذه الظاهرة مع إرتفاع ضغط الدم، والتدخين أو تناول الغذاء الغني جدًّا بالدهون. يزداد الأمر سوءاً مع مرور الوقت فيصاب المريض بتصلب في الشرايين أو حدوث جلطات.

تتمثل أسباب الإصابة بأمراض القلب بين مرضى السكر في أنه يرفع نسبة الكوليسترول في الدم ويزيد من تراكم الدهون في أوعية القلب وشرايينه، ما يؤدي للإصابة بأمراض تصلب الشرايين فينتج عنه الإصابة بالنوبات القلبية والسّكتات الدماغية. كما يتسبب مرض السكر في عدم وصول الدم للقلب بشكل كاف وهو ما يتسبب في عدم قدرة القلب على القيام بوظائفه الطبيعية.

يقدم المتخصصون خدمات الرعاية الصحية الشاملة بحيث يخضع المريض إلى مراقبة حثيثة لكامل الوظائف والأعضاء الحيوية التي يمكن أن تتأثر بداء السكري وسرعان ما يتم إكتشافها قبل أن تبدأ مضاعفاتها بالظهور فيتم السيطرة عليها.

السكري والسمنة

السمنة هي أحد العوامل المسببة للإصابة بمرض السكر من النوع الثاني، وتشير الإحصاءات إلى أن 85% من المصابين بالسكري يعانون من الوزن الزائد. الإفراط في الغذاء يعني منح الجسم المزيد من السعرات الحرارية والدهون التي لا يمكن معالجتها في وقت واحد، ما يعطي إشارة لمستقبلات الانسولين بعدم الإستجابة له.

هذا الإفراط الشديد يعمل على تحرير سريع للسكر في الدم، ما يؤدي إلى إرتفاع في معدل السكر ومع الوقت لا يتمكن الانسولين الموجود داخل الجسم من المحافظة على نسبة السكر في الدم، فيحدث مقاومة للانسولين في الخلايا ولا يستطيع القيام بدوره بالكفاءة المطلوبة ما يقلل إمتصاص الجلوكوز وبالتالي يرتفع مستوى السكر في الدم.

الوقاية ممكنة بنسبة عالية بمجرد التخلص من الوزن الزائد وذلك عبر ممارسة النشاط البدني واتباع نمط غذائي صحي يحد من إكتساب الوزن.

إن هدف هذا النوع من المراكز المتخصصة لا ينحصر في علاج السمنة وفقدان الوزن، بل يشمل تنمية الجانب الصحي وتقليل المخاطر التي تهدد المريض نتيجة وزنه الزائد. لذلك، من الضروري التركيز على إدارة الوزن عبر تقديم رعاية صحية شاملة ومتعددة التخصصات طويلة الأمد للمرضى لما لذلك من دور في السيطرة على نسبة السكر في الدم وابقائها ضمن المعدلات الطبيعية.

خبراء التغذية

الحمية الغذائية الخاصة لكل مريض سكري هي أولى الخطوات الواجب إعتمادها من قبل خبير التغذية من أجل خفض عدد السعرات الحرارية كبداية للتخلص من الكيلوغرامات الزائدة والتغلب على السمنة وبالتالي السيطرة على معدل السكري بشكل ناجح، حيث يؤكد الخبراء ضرورة إتباع حمية غذائية صحية مناسبة وعدم إتباع حمية غذائية تؤدي إلى نزول سريع في الوزن. يجب الإمتناع عن تناول الوجبات السريعة واستبدالها بالطعام الصحي مثل الفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقول واللحوم الخالية من الدهون ومنتجات الألبان والأسماك والدواجن. 

كما يجب إختيار الطعام الذي يحتوي على نسبة عالية من العناصر الغذائية بدلاً من الطعام الغني بالسعرات الحرارية العالية، والإبتعاد عن الدهون غير المشبعة والأطعمة السكرية والمشروبات الغازية والأطعمة المصنعة. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى