مقابلات

إنريكي مانزوني

الرئيس التنفيذي بوهرنجر إنجلهايم الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا

 إنريكي مانزوني

“التحول الرقمي سيسهم في إعادة هيكلة جذرية في كيفية عمل القطاع الصحي”

تسعى شركة ’بوهرنجر إنجلهايم‘ الى تطبيق استراتيجيتها لإيصال أحدث الإبتكارات الطبية للمرضى في المنطقة، لتواصل تحقيق إنجازات نوعية في تطوير العلاجات وحلول الرعاية الصحية. وفي هذا الإطار، تحدث المدير الإداري الإقليمي لـ’بوهرنجر إنجلهايم‘ في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا إنريكي مانزوني إلى مجلة “المستشفى العربي” عن النجاحات التي حققتها الشركة، لاسيما في مجال التحول الرقمي حيث نجحت خلال عام 2018 بتعزيز الإمكانات الرقمية التي تستهدف مزودي الرعاية الصحية بشكل كبير على مستوى المنطقة. 

هلا عرفتنا بنفسك وبمسيرتك مع ’بوهرنجر إنجلهايم‘؟

تمتد مسيرتي المهنية في هذا القطاع إلى أكثر من 40 عاماً، عملت خلالها مع ’بوهرنجر إنجلهايم‘ لأكثر من 30 عاماً، حيث شغلت عدداً من المناصب القيادية وأشرفت على إدارة العديد من المحافظ الاستثمارية بهدف تطوير نماذج تجارية تشغيلية ناجحة. انضممت أولاً إلى مكتب الشركة في الأرجنتين قبل أن أنتقل إلى مقرها الرئيسي في إنجلهايم في ألمانيا عام 1992. وكنت مسؤولاً حينها عن توفير الدعم في مجال مراقبة أعمال إنتاج الأدوية في أكثر من 20 مصنعاً حول العالم.

توسعت بعد ذلك مسؤولياتي وبدأت بإدارة طيف كامل من العمليات المالية والإدارية في اليونان ومن ثم إيطاليا. وقبل أن أنضم إلى أعمال الشركة في المنطقة، كنت مسؤولاً عن إدارة أعمالها الإقليمية التي تقدر بنحو 700 مليون يورو في بلجيكا والدنمارك وفنلندا واليونان وهولندا والنرويج والبرتغال والسويد، من موقعي في أمستردام، وكان ذلك يشمل 1600 موظف وأربع منشآت تصنيع. والآن في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا أشغل منصب المدير الإداري الإقليمي. ويتلخص دوري في قيادة نمو الشركة ومبادرات الشراكة التي تبرمها في مختلف مجالات الأعمال المعنية بالصناعات الدوائية البشرية والصحة البيطرية.

كيف تصف قطاع الرعاية الصحية في المنطقة. كيف تقيمون تأثير ’بوهرنجر إنجلهايم‘ على القطاع؟ 

نركز على تقديم رعاية مخصصة تُعنى بالمتطلبات الفردية لكل مريض، وبالتالي فإن استراتيجيتنا لإيصال احدث الإبتكارات الطبية للمرضى في المنطقة تقوم على ثلاثة محاور تتلخص في التوعية من الأمراض والوقاية منها، وبناء الشراكات وتعزيز التصنيع المحلي، ودخول الأسواق الجديدة. 

كما نسعى في عملنا في مختلف أنحاء المنطقة إلى قيادة برامج تلبي الثغرات في الاحتياجات الطبية، إلى جانب الإسهام في إنقاذ حياة المرضى، بغية دعم الاقتصادات التي تعاني من أعباء الأمراض المزمنة طويلة الأمد وتكلفة علاجها المتزايدة. علماً أن التحليلات تشير إلى نموّ سوق الصناعات الدوائية في المنطقة ليصل إلى حوالي 50 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2025.

في ظل الإمكانات التي تتمتع بها المنطقة وبهدف تلبية احتياجاتها الطبية غير المستوفاة، فإننا ملتزمون بإدخال أحدث الابتكارات والحلول إليها. وتخطط الشركة في عام 2019 إلى إطلاق 12 منتجاً وبرنامجاً جديداً وتسجيل 61 منتج في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا.

لقد أطلقنا في أفريقيا برنامج In Reach Africa، الذي يعد مبادرة ترمي إلى تسهيل الحصول على رعاية صحية عالية الجودة ومبتكرة للبشر والحيوانات في أنحاء القارة الأفريقية كافة. ويشمل البرنامج طيفاً من العناصر الرئيسية التي تهدف إلى تحقيق قيمة إضافية أكبر في أنظمة الصحة ككل وذلك في مسعى لتعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية ودعم تطوير حلول صحية مبتكرة وبناء شراكات مجتمعية ورفع سوية التوعية بالجوانب الرئيسية من الأمراض إلى جانب آليات الوقاية منها. أما على مستوى السوق في الجزائر، فقد تعاونا مع مؤسسة ’عبدي إبراهيم لصناعة الأدوية‘ لإنتاج دوائنا المبتكر لعلاج ارتفاع الضغط. يهدف هذا الاستثمار إلى تعزيز الإمكانات التقنية وبناء القدرات في الجزائر. كما أن إنتاج  محفظة الشركة لعلاجات السكري من النوع الثاني جارٍ على قدم وساق لتوفير أولها خلال 2019 ولتوفير المحفظة العلاجية كافة في المستقبل القريب أيضاً من خلال هذه الشراكة، وذلك في إطار خططنا لتوصيل أحدث العلاجات المبتكرة للمرضى. هذا ونستمر في مصر بدعم المرضى والمتخصصين في الرعاية الصحية من خلال مبادرة دعم وتطوير وحدات علاج السكتات الدماغية في المستشفيات والتأكد من التزامها بالمعايير العالمية المعتمدة، إلى جانب توفير التدريب اللازم ونقل المعرفة بالإجراءات الدولية المعمول بها للتعامل مع السكتات الدماغية وبرتوكول وحدات السكتات الدماغية داخل المستتشفيات والمراكز العلاجية. في حين تشكّل المملكة العربية السعودية سوقاً استراتيجياً بالنسبة لـ ’بوهرنجر إنجلهايم‘، ونركز ضمنها على تأمين وصول أحدث الإبتكارات الدوائية إلى المرضى هذا إلى جانب تبني مقاربة متميزة إزاء استثماراتنا المحلية ونستمر في تعديل أهدافنا لتتماشى مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 حيث تبحث الشركة العديد من المشروعات التي سنقوم بتنفيذها في المستقبل القريب والتي نعمل على تأسيسها حالياً لتعزيز أعمالنا في المملكة.

هذا ونلتزم بتطوير حلول صحية متكاملة تركز على احتياجات الأفراد للمساعدة في دعم المجتمعات غير المخدّمة بما تحتاج إليه من معارف وخبرات وبنى تحتية ووسائل تضمن استمرار حصولهم على الرعاية الصحية. وستستمر الأبحاث وبالتحديد في مجال أمراض القلب والأوعية الدموية والمناعة والأورام، في دعم نمونا وتعزيزه. وقد بلغت قيمة استثمارات الأبحاث والتطوير في قطاع الصناعات الدوائية البشرية 2.8 مليار يورو ما يشكل 22.1% من صافي المبيعات في هذا القطاع. ونواصل تحقيق إنجازات نوعية في تطوير العلاجات وحلول الرعاية الصحية لتلبية الثغرات في الاحتياجات الطبية، علماً أن تعزيز الوصول إلى الرعاية الصحية لا يزال في صلب أعمالنا وجوهر قيمنا.

ما هي توقعاتكم للمنطقة في عامنا الحالي 2019؟

نجحت ’بوهرنجر إنجلهايم‘ في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا بتحقيق أداء متميز خلال عام 2018، جعلها ثالث شركة دوائية متعددة الجنسيات من حيث سرعة النمو في المنطقة ضمن قطاع الصناعات الدوائية البشرية. كما أحرزنا مكانة راسخة بين أفضل 20 شركة مقارنةً بأداء السوق الإجمالي إذ وصل معدل نموناً إلى 15.5% مقارنةً بمعدل 13.9% في المنطقة.

أما في عام 2019 فنحن على ثقة بأن تطلعاتنا المستقبلية في المنطقة ملائمة لتحقيق المزيد من النمو. ونخطط خلال العام إلى إطلاق 12 منتجاً وبرنامجاً جديداً وتسجيل 61 منتج في جميع أنحاء المنطقة. كما ستستمر الشركة بتعزيز بصمتها في أنحاء أفريقيا من خلال الاستثمار في توفير برامج الرعاية الصحية لتقديم حلول مبتكرة للمرضى من ذوي الدخل المحدود وتعزيز استدامة الرعاية الصحية في القارة الأفريقية في إطار برنامج إن “ريتش أفريقيا”. على الصعيد العالمي، نحرص على الاستفادة من إمكانات التحول الرقمي عبر مختلف مراحل العمل: البحث، والتطوير وتطور الأبحاث السريرية، والمرحلة اللاحقة للموافقة، وذلك لدعم قدرتنا في الوصول إلى عدد أكبر من المرضى ومزودي الرعاية الصحية.

أسهم التحول الرقمي في تغيير ملامح قطاع الرعاية الصحية. كيف تستغل ’بوهرنجر إنجلهايم‘ التقنيات الرقمية لتحسين حياة المرضى؟

نعمل على قيادة عملية التحول الرقمي من خلال العديد من المبادرات في مختلف مجالات العمل. وقد نجحت الشركة خلال عام 2018 بتعزيز الإمكانات الرقمية التي تستهدف مزودي الرعاية الصحية بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا من خلال إضافة منصات متعددة تركز كلياً على تجربة العملاء وجوانب نقل المعرفة والتعلم في مجالات مختلفة. على سبيل المثال، عملنا على تطوير تطبيق التليف الرئوي مجهول السبب، وهو مرض رئوي مزمن يؤدي إلى تدهور مضطرد لوظائف الرئة. فقد عملت شركة ’بوهرنجر إنجلهايم‘ في الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا على تطوير أداة مخصصة للأطباء تعرض المعلومات الرئيسية بخصوص تشخيص وعلاج وإدارة المرضى وغير ذلك. 

كما تقدم اختبارات تفاعلية للعاملين في قطاع الرعاية الصحية لتعزيز معارفهم وقدرتهم على التعرف على النتائج الإيجابية لداء التليف الرئوي مجهول السبب. كما يسهّل التطبيق عملية تبادل الآراء والمعلومات بين الطبيب والمريض في حال احتاج الأطباء إجابة عن بعض الأسئلة.

أما في ما يهم المرضى، فقد طورنا أداة تعمل عبر الرسائل النصية القصيرة وتتيح للعاملين في قطاع الرعاية الصحية تقديم دعم مباشر للمرضى المصابين بمرض الانسداد الرئوي المزمن. إذ يساعد برنامج PATSU المرضى بشكل مباشر على رؤية وفهم كيفية تناول أدويتهم من خلال فيديو تفاعلي يصلهم على هواتفهم سواء عن طريق طبيبهم أو من خلال أداة PATSU عبر الإنترنت. وقد تم تجربة الأداة وإطلاقها في لبنان، وسيتم نشرها لاحقاً في أسواق أخرى في منطقة الشرق الأوسط وتركيا وأفريقيا.

هل تعتقد بأن الشرق الأوسط مستعد لتبني التغييرات التي يشرف التحول الرقمي على إحداثها في قطاع الرعاية الصحية؟

بالتأكيد. المنطقة أكثر من مستعدة لتبني التكنولوجيا واعتمادها في قطاع الرعاية الصحية. وعلى الصعيد العالمي، تعد إمكانية وسهولة التنقل جزءاً رئيسياً من سوق حلول الرعاية الصحية الرقمية بالإجمال. ولهذا فإن الآثار والفرص المتاحة كبيرة. يشير خبراء القطاع إلى أن مزودي خدمات الرعاية الصحية في الشرق الأوسط سينفقون أكثر من 80 مليار دولار أميركي لتوسيع القدرات التقنية والابتكار الرقمي في إطار خدمات الرعاية الصحية. وعلاوةً على ذلك، يعتقد المستهلكون والعاملون في قطاع الرعاية الصحية بأن استخدام الأجهزة المحمولة قد يساعد الأطباء في تنسيق عمليات الرعاية بشكل أكبر. وفي حين لم يتم تطوير البنى التحتية بَعْد بشكل كامل، نلاحظ تقدماً متواصلاً تقوده الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية بشكل رئيسي. تشمل أهم التوجهات في المنطقة الهواتف الذكية والتطبيقات والأجهزة القابلة للارتداء والتي ستعود بالفائدة على المرضى والأطباء ومقدمي الرعاية. كما أن البيانات الضخمة ستكشف عن أنماط ومشاكل وفرص في قطاع الرعاية الصحية، في حين أن التطبيب عن بعد سيوصل خدمات الرعاية الصحية إلى بيوتنا بكل سهولة ويسر. 

برأيكم، كيف تستثمر شركات الأدوية في التحول الرقمي وهل ترون أن ’بوهرنجر إنجلهايم‘ تتخذ موقعاً رائداً في رسم ملامح القطاع؟

ستُحدِث التقنيات، التي تسهم في تسهيل عملية التحويل الرقمي، إعادةَ هيكلةٍ جذريةٍ في كيفية عمل القطاع بدءاً بالتخطيط للمحفظات ومروراً بتطوير الأدوية والتسويق الاستهلاكي وانتهاءً بالشؤون المالية وغيرها من وظائف الأعمال. وترى الشركة أن التحول الرقمي يساعدنا في تحسين الكفاءة وتعزيز سلامة الأدوية المطروحة في الأسواق والكشف عن فرص أعمال جديدة وبناء علاقات أكثر متانة مع المرضى والعاملين في قطاع الرعاية الصحية. أما على الصعيد العالمي، فإننا نستفيد من الطيف الواسع من الحلول الرقمية لدعم الابتكار على طول سلسلة القيمة في قطاع الصناعات الدوائية، بما يشمل كافة مراحل التصنيع من الأبحاث إلى الإنتاج، ومجال رعاية المرضى، وبيئة العمل ضمن الشركة، فنحن نستغل التحول الرقمي لنسرع ونعزز ابتكاراتنا لتعود بالفائدة على البشر والحيوانات.

على سبيل المثال، في ما يخص التجارب السريرية دولياً، نبحث في الوقت الراهن عن سبل جديدة من شأنها تغيير كيفية تشخيص الأمراض النفسية. ونعمل على تطوير أدوات رقمية لتحليل الصوت بالاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، من شأنها سد الثغرات الحالية والسماح بإجراء التشخيص في وقت أبكر وتحديد المرضى المصابين بأمراض على غرار الفصام والزهايمر مستقبلاً. أخيراً، هناك العديد من المنصات الرقمية التي تدعم نشر المعرفة وتعزيز التعلّم وإمكانات ورش العمل الافتراضية عالمياً وإقليمياً، بحيث تشجع على تقدّم القطاع ككل وتغيير كيفية عملنا وكيفية تحقيق القيمة لصالح المرضى والعاملين في قطاع الرعاية الصحية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى