مقابلات

الدكتورة مايا بركه

الأخصائية في أمراض الغدد والسكري في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال

الدكتورة مايا بركه

“سكري السمنة يزيد من مخاطر ومضاعفات فيروس كورونا المستجد”

تظهر إصابات فيروس كورونا المستجد حول العالم المخاطر الصحية التي يعاني منها مرضى “سكري السمنة” والمضاعفات التي يتعرضون لها عند إصابتهم. ما هي تأثيرات سكري السمنة على الجهاز المناعة وما هي المضاعفات المحتلمة وهل يمكن الوقاية او الحد من المخاطر لدى هذه الفئة من المرضى؟ الدكتورة مايا بركه، الأخصائية في أمراض الغدد والسكري في مركز كليمنصو الطبي بالتعاون مع جونز هوبكنز انترناشيونال، تجيبنا عن هذه التساؤلات في الحوار التالي.

كيف يمكن أن نصف العلاقة بين السكري والسمنة ومخاطر الإصابة بالفيروس المستجد؟

لقد تبين أن السكري من النوع الثاني والسمنة يمكن أن يسهمان بحدوث مضاعفات أكثر خطورة عند الإصابة بفيروس كورونا المستجد فيعاني المريض عندها من إلتهابات قوية مع إمكانية بقاء الفيروس لفترة أطول في الجسم وبالتالي تزيد نسبة المضاعفات الخطيرة التي قد تصل إلى إدخال المريض للعناية المركزة والحاجة إلى جهاز التنفس الإصطناعي. وكلما إرتفع مؤشر كتلة الجسم BMI أو كلما كان السكر في الدم غير منتظم كلما إرتفع خطر الإلتهابات المتقدمة. 

السبب في ذلك هو أن وجود الوزن الزائد أو السكري يمكن أن يكون سبباً لمشاكل رئوية أو ضعف في الرئة ما يزيد من حدوث الإلتهابات المتقدمة. كما أن الجهاز المناعي يعتبر أكثر ضعفاً في ظل وجود هذين المرضين، فضلاً عن إمكانية وجود أمراض مزمنة أخرى كالقلب وارتفاع ضغط الدم والتي عادة ما تترافق مع السمنة والسكري.

بالإضافة إلى ذلك، هناك إحتمال ولكن لا يزال غير مثبت حتى الآن حول زيادة نسبة إلتقاط الفيروس لدى هذه الفئة من المرضى أي أن الشخص الذي يعاني من سمنة مفرطة لديه قابلية لإلتقاط العدوى.

ما هي الدراسات الحديثة في هذا الشأن؟

الدراسات تدل بوضوح على أن الفئة العمرية دون الستين، ورغم أنها أقل خطورة من الأكبر سنّاً، فإنها عرضة لحدوث إلتهابات قوية في حال كان المريض يعاني من السمنة والسكري من النوع الثاني. عالمياً، تبين أن العلاقة مترابطة جداً بين إرتفاع مؤشر كتلة الجسم والمضاعفات التي تحدث جراء الإصابة بالفيروس لمن هم دون الستين عاماً.

المسألة الثانية تكمن في أن هذا الفيروس قادر على مهاجمة خلايا البنكرياس فيضعفها ويمكن أن يتسبب في الإصابة بالسكري نتيجة كسل البنكرياس ما يعني أن الفيروس يمكن أن ينتج عنه حالات جديدة من السكري شبيهة بالنوع الأول. كما أنه يمكن ان يتسبب بمضاعفات مطورة تعرف بـ (Diabetic ketoacidosis).

من الدراسات في هذا الشأن تلك التي تربط بين مستقبلات ACE2 والفيروس التاجي؛ وجود الـACE2 على الخلية يزيد من قدرة الفيروس على إختراقها والمعروف أن مرضى السمنة والسكري لديهم نسبة عالية من مستقبلات ACE2.

كيف يؤثر سكري السمنة على الجهاز المناعي؟

إن وجود السكري أو الوزن الزائد يؤثر أولاً على خط الدفاع الأول الذي يستخدمه الجهاز المناعي لمحاربة الميكروبات والفيروسات التي تتسلل إلى الجسم (innate immune response)، وذلك يعني أن الفيروس قادر على التكاثر من دون وجود دفاع فعّال يحول دون ذلك.  هذين المرضين كذلك يؤديان إلى حدوث خلل في الجهاز المناعي المتخصص أي خط الدفاع الثاني (Adaptive Immune Response) فلا يتمكن الجسم من التخلص من الفيروس بالشكل المعتاد فيتكاثر أكثر فأكثر.

بالإضافة الى ما تقدّم، السكري والسمنة المفرطة يسهمان في وجود حالة من الإلتهاب المزمن (chronic inflammation) ما يؤدي إلى ردة فعل مضخّمة عند التعرض للفيروس من ناحية ردة فعل الإلتهاب التي تحدث والتي نسميها cytokine storm فتزيد الإلتهابات وتزيد معها مشاكل الرئة نتيجة الفيروس التاجي. والمشكلة في هذا المجال تكمن في أن الضعف الجزئي في جهاز المناعة نظرياً، وبحسب الخبرة مع الفيروسات الأخرى، يمكن أن يحد من فعالية أي لقاح قد يُنتج للحماية من الفيروس. 

كيف يتم التعامل مع مريض السمنة في غرف العناية المركزة؟ 

مريض السمنة في غرفة العناية المركزة يحتاج إلى طريقة مختلفة في التعاطي معه حيث يجب الأخذ بعين الإعتبار بعض الأمور؛ أولى المعايير هي خبرة الطبيب في التعامل مع هذه الفئة وكيفية إستخدام الـventilation mechanical لأن وجود الوزن الزائد يتطلب إستخدام بعض المعايير الخاصة في أجهزة التنفس لأخذ نتائج أفضل في عمل الرئتين.

مرضى السمنة المفرطة في غرف العناية المركزة هم عرضة أكثر من غيرهم لحدوث تجلطات وعلى الفريق الطبي أن ينتبه لهذه النقطة ويعطي المريض مسيلات الدم اللازمة. أما في حال وجود مرض السكري فيستدعي ذلك ضبط معدل السكر في الدم للتخفيف من نسبة المضاعفات.

ما هي الإجراءات الواجب اتباعها من قبل هذه الفئة من المرضى للوقاية من الفيروس لاسيما وأننا على أعتاب فصل الخريف وما يمكن أن نشهده من إنفلونزا موسمية؟

بما أن مرضى السمنة والوزن الزائد معرضون أكثر من غيرهم لإلتقاط العدوى وحدوث مضاعفات خطرة سواء أكانوا يعانون من السكري أم لا، يفترض بهم اتباع أعلى معايير الوقاية والتقيد التام بالإجراءات الإحترازية التي تنص عليها منظمة الصحة العالمية. بالتأكيد نحث هذه الفئة على خسارة الوزن واتباع نمط غذائي صحي لأن خسارة حوالى 5 إلى 10 بالمئة من الوزن تسهم في تحسين قدرة الجهاز المناعي على محاربة الفيروس وتجنب مضاعفاته الخطرة. وفي حال شعر المريض ببداية عوارض الإنفلونزا الموسمية أو حتى فيروس كورونا المستجد عليه مباشرة التواصل مع الطبيب المختص لتناول العلاج المناسب لكي لا تتطور الأعراض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى