نيوز

“الدين والأخلاق الطبية: الرعاية التلطيفية والصحة النفسية لكبار السن”

الدين والأخلاق الطبية: الرعاية التلطيفية والصحة النفسية لكبار السن

عنوان الندوة المشتركة بين ويش والأكاديمية البابوية من أجل الحياة في روما

يتجلى مبدأ الرعاية التلطيفية لكبار السن في توفير الحماية والرعاية المتكاملة وتحسين نوعية الحياة وجودتها لهذه الفئة من المجتمع التي تشهد تزايدا مستمرا نتيجة ارتفاع متوسط العمر في ظل التقدم الطبي الحاصل الذي أسهم في علاج الكثير من الأمراض والتعايش معها بشكل آمن. 

يأتي ذلك بالتزامن مع تقديرات منظمة الصحة العالمية التي تشير أنه بحلول العام 2050، سيتجاوز واحد من بين كل خمسة أشخاص سنّ الستين. ويُتوقّع أن يتضاعف عدد من تتجاوز أعمارهم الثمانين بمعدل ثلاثة أمثال من 143 مليون شخص في العام 2019 إلى 426 مليون شخص في العام 2050. 

يستحق كبار السن الحصول على الرعاية اللازمة من خلال تقديم الدعم الطبي، التمريضي والنفسي والإجتماعي وغيرها، وذلك عبر توفير حياة كريمة للمسنين الذين يعانون من أمراض مستعصية وفي المراحل المتقدمة من مرضى السرطان بطريقة تصون كرامتهم وتحسن من نوعية حياتهم.

الأخلاقيات الطبية والمواثيق الدولية وكذلك الدينية حثّت على ضرورة أن يعيش المريض في مراحل حياته الأخيرة مع أسرته بطريقة سليمة ومن دون ألم؛ وهنا يأتي دور الرعاية التلطيفية التي ينبغي أن يقدمها فريق عمل متمرس في هذا المجال يجري تقييما لمنزل المريض وأسرته فيتم التعرف على احتياجاته لوضع خطة رعاية شاملة بحسب الآلام والأعراض التي يعانيها واحتياجاته النفسية والاجتماعية، كما يتم التواصل مع الطبيب المعالج لضمان شمولية العمل مع المريض وعائلته لأن عائلة المريض جزء لا يتجزأ من خطة الرعاية.

مؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية “ويش”، إحدى مبادرات مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، والأكاديمية البابوية من أجل الحياة، كان قد عقد ندوة مشتركة تحت عنوان “الدين والأخلاق الطبية: الرعاية التلطيفية والصحة النفسية لكبار السن”، في روما وذلك على مدى يومين في الـ11 و12 من شهر ديسمبر\ كانون الاول من العام الماضي.  

السيدة سلطانة أفضل -الرئيس التنفيذي لمؤتمر القمة العالمي للابتكار في الرعاية الصحية «ويش» في ختام الندوة قالت إنها أثمرت عن تقديم مبادرة مؤسسة قطر 3 التزامات لتحسين تطبيق الرعاية التلطيفية في دولة قطر. 

وأضافت: «سوف نقوم بتصميم دورات تدريبية متطورة حول الدين والأخلاقيات الطبية للعاملين في مجال الرعاية الصحية في سبيل التأكيد على ضرورة اعتبار الروحانية جزءًا لا يتجزّأ من الرعاية الشاملة، بالإضافة إلى تخصيص ورش عمل هادفة، بما في ذلك ورشة عمل حول موضوع الرعاية التلطيفية للأطفال».

إكرام كبار السن

الديانات السماوية جميعها أقرت بأهمية إكرام كبار السن والعناية بهم، والمحافظة على حياة الإنسان لأن الحياة حق مقدس تقره الأديان وينبغي أن تلتزم به الأعراف والقوانين. وعليه، ينبغي على الرعاية التلطيفية أن تأخذ بعين الاعتبار الجانب الروحي للمريض. وفي هذا الإطار، تتفق جميع الاديان على أن القيم الانسانية والإيمان الروحي والرحمة هي أساس الرعاية التلطيفية.

فقد تناولت إحدى النقاشات خلال المؤتمر عادات الرعاية التلطيفية في الديانتين الإسلامية والمسيحية، للإضاءة على الإختلافات، وإطلاع العاملين في مجال الرعاية الطبية على المقاربات الدينية المختلطة. 

كما ركزت هذه النقاشات على الدور المهم الذي تلعبه المقاربة الدينية المختلطة في مجال الرعاية التلطيفية. التعامل مع المرضى من كبار السن الذين يحتاجون الى رعاية تلطيفية ينبغي أن لا يكون من منظار “المرض” فقط، بل يجب التعامل معه كإنسان له وجهة نظره الخاصة في هذه الحياة ولديه أفكاره، وقناعاته التي يؤمن بها. لذا من المهم أن يحصل الناس على أفضل رعاية ممكنة، تتماشى مع معتقداتهم الفردية.

خلال الندوة التي عقدت في الفاتيكان، تناولت النقاشات عادات الرعاية التلطيفية في الديانتين الإسلامية والمسيحية، للإضاءة على الاختلافات، وإطلاع العاملين في مجال الرعاية الطبية على المقاربات الدينية المختلطة. كما ركزت هذه النقاشات على الدور المهم الذي تلعبه المقاربة الدينية المختلطة في مجال الرعاية التلطيفية.

ركزت النقاشات على الصحة النفسية لكبار السن، حيث ألقى المتحدثون والمندوبون نظرة عن كثب على المزايا الكبيرة المحتملة للدين والشؤون الروحية في تعزيز رفاهة ونوعية الحياة بالنسبة للمرضى من كبار السن، وما هي الفرص والتحديات في مجال تعزيز نوعية الحياة من خلال توفير خدمات صحية نفسية مبنية على التعاليم الدينية من وجهة نظر دينية مشتركة.

ما هي الرعاية التلطيفية؟

لقد أصبحت الرعاية التلطيفية بمثابة علم جديد لتقديم الرعاية الشاملة للمرضى في سائر مراحل المرض أو بعد توقف العلاج الشفائي، وهي تشمل الرعاية الطبية والإجتماعية والنفسية والروحية. الأهداف المرجوة من تطبيق الرعاية التلطيفية تكمن في توفير حياة صحية أفضل من مختلف الجوانب التي تخص المريض سواء البدنية او النفسية، مع إمكانية التواصل مع أفراد الأسرة من أجل تقديم العون له نفسيا، إضافة الى حث المريض على ممارسة حياته بشكل طبيعي قدر الإمكان والعمل على زيادة نشاطه البدني. فقد شهدت الأوساط الطبية في السنوات الأخيرة اهتماما متزايدا بالطب التلطيفي بعد أن أثبت فعاليته في إدارة المرض والحد من معاناة المرضى، وهناك الكثير من دول المنطقة على مستوى الخليج والشرق الأوسط التي وضعت هذا النوع الجديد من الطب في سلّم أولوياتها بعد أن أدركت ما له من أهمية في إدارة المرض والحد من معاناة المريض. تهدف الرعاية التلطيفية إلى تحسين جودة الحياة للمرضى وأسرهم، ويتم تقديم هذا النوع من الرعاية جنبا إلى جنب مع العلاجات الطبية التي يحتاجها المريض لحالته.

الفريق المتخصص في الرعاية التلطيفية يتوجب عليه فحص المريض وتقييم حالته الطبية والنفسية والإجتماعية من أجل تحديد مسار الرعاية الواجب تقديمها لإزالة أي شعور بالوحدة والكآبة مع العمل على تخفيف الألم. فالعلاج التلطيفي يجب أن يكون شاملاً ومتكاملاً، يأخذ بعين الإعتبار وبصفة أساسية المريض واحترام اهتماماته ومشاركة عائلته في اتخاذ القرارات حسب ما يطلبه المريض.

مرحلة الإحتضار

لعلها من أكثر المراحل التي يحتاج فيها المريض الى الرعاية التلطيفية نظرا لحساسية هذه الفترة وحاجة المريض الماسة الى الدعم اللازم لتخفيف آلامه وكذلك هو بحاجة الى دعم نفسي كبير يمكّنه من الصبر على معاناته. تهدف خدمات الرعاية التلطيفية في هذه المرحلة إلى مساعدة المرضى قدر الإمكان في التمتع بحياتهم حتى لحظة وفاتهم. وفي ظل التقدم الطبي الذي أتاح إطالة أعمار الأفراد المصابين بأمراض السرطان، فبإمكان خدمات الرعاية التلطيفية التخفيف من آلام أعراض المرض وإتاحة الفرصة للمرضى لاستغلال فترة احتضارهم بشكل أفضل من خلال تحقيق التوازن بين آلام المرض والتمتع بالحياة.

المسكنات

الحصول على رعاية تلطيفية عالية الجودة في مراحل المرض المتقدمة او في فترة الإحتضار يحتاج الى المسكنات لتخفيف حدّة الآلام المصاحبة وكذلك استخدام المهدئات لأنها لا تشكل إدمانا للمريض إلا إذا استخدمت بشكل خاطئ، فالمريض في المراحل الأخيرة من حياته يجب أن يعطى المهدئات لتخفيف الألم، وعدم تعريضه لكمية هائلة من الادوية والأجهزة التي ربما لا تفيده.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى